التفاحة المقضومة إبداع الغرب وحلم الشرق

الكاتب: عبد الله الدعيس

من جديد أعود إليكم كمسلسل مكسيكي طويل الأجل, لا ينتهي على أية حال أو كالمسلسلات التركية, رغم أن جُلّ المشاهدين يملون منها في فترات متفاوتة من  المسلسل إلّا أنهم مجبرون على متابعتها, لا أدعي أنني في جاذبية “لميس” أو جمال “مهند” أو شعبية “ماريا مرسيدس”, إلا أنني رغم هذا “افتقدني إلى حد الثمالة” في أحيان كثيرة, أفتقد حروفي وكتاباتي وإلهاماتي وتطلعاتي وأحلامي وانتقاداتي, وكأن ليس هنا حروف أو كتابات إلا كتاباتي, أو الهامات إلا إلهاماتي, عدد من المحبين والمتابعين يتسائلون عن أسباب توقفي, لم اضطّر في يوم إلى إجابتهم عن ما يردّني حيال الكتابات كثيرا ذلك أنني لا أعلم عن سبب أخر سوى أن “المود مُش ولا بد“, لذلك عليكم أن تعودوا إلى تلك المسلسلات المستفزة ولكم أن تتركوا مقالاتي المملة ولا “تعطوني وجه“, لأنني أعترف بأنكم إذا ما قررتم أن تتوقفوا عن ذلك فستجدونني سأغرق فورا ,فسفينتي لا تبحر بدون متابعيها فاختاروا ما شئتم إما أن استكمل أو أن تنهوا حبر أقلامي بقسوتكم, حتى وإن طالت مقدمتي أعزائي فإنكم مجبرون في بعض الأحيان على قراءتها, ذلك أنني أتعمد شد حبل أفكاركم جميعها حتى تنتهي مقالتي, ضاربا عرض الحائط نقمكم على “التمطيط” الذي أحدثه ويحز في نفوسكم.

فجع العالم بموت الحاضر الغائب ستيف جوبز الداهية, العبقري,و المطور رجل صنع الفارق للعالم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى, ذهب مأسوفا عليه لأن رجلا مثله يجعل العالم يقف له على قدم وساق احترامًا لما قدمه, أجزم أن ابن جوبز كان مخلصا في عمله ذلك أنه لم يترك لأي شخص في العالم أن يشكك في انجازاته, ليس هناك من سر, كل ما فعله ذلك المبدع, انه كان مخلصا في عمله وأتقن ليس إلاّ, لن أغوص مدحاً في ابن الفرنجة, ذلك أن نصف أصدقائي في “الفيس بوك” وضعوا صورته او صورة منتجاته بطريقة أو بأخرى, ولم أجد في بروفايل شخص ما إلا وقد كتب رثاء أو كومنت أو لايك لمقالة تختص بصاحب التفاحة المقضومة لدرجة أنني أتصور لو أن صلاح الدين الأيوبي توفى في زمننا هذا فلن يجد نصف تلك “اللايكات” رغم هذا وذاك أخبرني أحد الأصدقاء المقربين عن قراءته لموضوع “يحرق الدم“.

يخبرني صديقي أن أشخاصا في أحد المنتديات “الانترنتية” يتجادلون إن كانت تجوز الرحمة على ستيف جوبز أو لا تجوز, أصدقكم القول أن هذا لم يكن كل ما سبب لي “حرقة الدم“, بل كانت ردة فعل صديقي العربي المتأصل بالجذور العربية الوطنية, ردة فعل غريبة تمثلت في استغرابه من ذاك الموقف, وكأنه قد وقف على مشهد غريب على هذا المجتمع الذي لم أشاهده يتفق يوما على أكبر الأشياء ولا أوسطها ولا أصغرها, بل إن الموضوع يتعدى إلى أنهم “أي القوم” يتلذذون بالاختلاف, لن أشبّه مجتمعنا بالغجر أو جيش هولاكو, فلم تراودنا نفسنا على الاعتداء بهمجية على أي إقليم كما فعل هولاكو, ولم نقطن أوروبا كما فعل الغجريون, بيد أننا قد نرى في فئات كبيرة من عامة المجتمع بالغوغائية, نختلف لمجرد التلذذ, نصطنع المشاكل بأيدينا حتى نلفت الانتباه, نراود كرامتنا عن نفسها عندما نضع أنفسنا في مواقف محرجة بأيدينا.

اتساءل إن كان ستيف جوبز نفسه قد ولد في بيئة مثل بعض الأمثلة التي نشاهدها في سوبرماركتاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا أجزم أنه حينها لن يقدم للعالم ربع تفاحة “التفافيح” المقضومة تحتاج إلى جهد جبّار وبيئة تساعد الشخص على التركيز والعمل المتفاني, ينتج ذلك فقط عندما يعقد أي مجتمع النية أن ينتج لقومه وللعالم انطلاقًا من تعاليم دينه “إذا تحدثنا عن مجتمعنا المسلم”, فما قدمه جوبز أعزائي يعتبر مثالا حيا لكل مسلم, يحب أن يقدم هو أيضًا للعالم, يجعله يقف على قدم وساق عندما يتوفى, ويجعلنا نترحم عليه ونحن موقنون بدون أن ندع أي مجال للشك أو الاختلاف أن الترحم على أموات المسلمين جائز, حينها فقط سيكون كل منا فخرًا لدينه ووطنه ومجتمعه, وسينتج المجتمع كنتيجة فورية أعدادًا من أمثال ستيف وشركة أبل وسنكون حتما في القمة, هذا ما تريده الأوطان, الإنتاج فقط بدون اختلاف.

Exit mobile version