د.نزار باهبري: حبة واحدة للسيطرة على الإيدز

مجلة نبض(medical articles): تشير إحصاءات برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز إلى أن عدد المصابين بالفيروس في منطقتي شمال أفريقيا والشرق الأوسط قدر بـ380,000 شخصا، بينهم 40000 شخص جديد اضيفوا للعدد الاجمالي العام 2007. كما أن تقديرات برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز تقول أن 5 % فقط من المرضى الشرق أوسطيين والشمال أفريقيين يحصلون على العلاج اللازم للمرض. هذا ويشهد العالم العربي ثاني أعلى نسبة اصابة في العالم بالمرض.

“نبض” تواكب اليوم العالمي لمرض الإيدز، وتتعرف من استشاريي الأمراض الباطنة والأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث بجدة الدكتور نزار باهبري، والدكتور غسان يوسف للتعريف بالمرض وآخر الإحصاءات عنه وطرق انتقاله وأحدث العلاج.

“متلازمة نقص المناعة المكتسبة” الإيدزAcquired Immune Deficiency Syndrome – AIDS، مرض خطير عبارة عن فيروس ينتقل إلى الدم، فيهاجم جهاز المناعة ويبدأ في غزو خلايا المناعة ويقوم بتحويل مادته الوراثية إلى نفس شكل المادة الوراثية لخلايا الإنسان، ويقوم بإدخالها إلى داخل خلية المناعة. ويستطيع السيطرة على الخلية، وعندما تبدأ الخلية في التكاثر تقوم بترجمة الشفرة الخاصة بالفيروس وبالتالي تصنيع أجزاء الفيروس وتم تجميعها لتكون فيروسا جديدا. وبهذا يتحول جيش المناعة إلى مصنع لتخريج الأعداء. بحيث يتم تدمير خلايا المناعة مما يؤدي إلى تناقص أعدادها إلى أقل من 200 خلية في السم المكعب من الدم، وعندها يصير هذا المصاب مريضاً بالإيدز. ويصبح عرضة للإصابة بأمراض جرثومية قد لا يصاب بها الشخص العادي، وغالباً ما يؤدي إهمال العلاج إلى الموت.

الإيدز قاتل أم مرض؟

كان الإيدز يعتبر في الماضي مرضاً قاتلاً لعدم معرفة أسبابه أو التوصل إلى علاج للسيطرة عليه، لكن مع التطور المزهل في العلاج أصبح مرض الإيدز مرضاً مزمناً مثل الأمراض الأخرى كالسكري، والقلب وضغط الدم العالم.

وأشارت دراسة نشرت بمنظمة الصحة العالمية لعام 2010م إلى أن الإيدز أصبح في المرتبة الثانية في الأمراض المنتشرة المسببة للوفاة، ومع اكتشاف العلاجات الموجودة حالياً، واكتشاف المرض في مراحله الأولى وتناول العلاج يعيش المصاب حياة طبيعية.

3 طرق للتشخيص:

هناك ثلاثة أنواع من الاختبارات المعملية تجري لتحديد مدى الإصابة ومستقبل المريض و هي ترصد التغيرات التي يتسبب في حدوثها الفيروس وهي:

1-  اختبار الإجسام المضادة: وهو نوع من البروتين الذي ينتجه جهاز المناعة لمقاومة الفيروس المسبب للمرض، ووجود هذه الأجسام يعني إصابة الشخص بالفيروس.

2-  اختبارات لقياس عدد الفيروس في الجسم: وتجرى عادة لمن تأكدوا من إصابتهم بالفيروس والهدف منها هو قياس سرعة توالد وانتشار الفيروس.

3-  اختبارات جهاز المناعة: تقيس مدى التدمير الذي حدث لجهاز المناعة ومنها اختبار عدد خلايا المناعة المستهدفة من الفيروس.

3 مراحل للإصابة بالمرض:

  1- مرحلة المصل الإيجابي Séropositif : وتتمثل في الأجسام المضادة للفيروس أو أمراض أخرى وفي هذه الحالة قد يكون الإنسان مصابا بالمرض لكن لا يظهر عليه إلا بالتحاليل الطبية .

2 – مرحلة ماقبل السيدا: حيث يضعف فيها جهاز مناعة عند المصاب ممّا يجعله عرضة لأمراض أخرى كارتفاع درجة الحرارة والإسهال والانطواء، وضعف الجسم وألم في العضلات والمفاصل مع ألم بسيط في المعدة.

3 – مرحلة الإصابة بمرض السيدا: في هذه المرحلة يتدهور جهاز المناعة تدهورًا كلياً وتتحطّم الخلايا البيضاء المكونة لجهاز المناعة ويستسلم جسم المصاب إلى جميع الأمراض المؤدية للموت.

طرق الإصابة بالايدز:

تتعدد طرق الإصابة بمرض الإيدز وتأتي في مقدمتها:

1 – الاتصال الجنسي ويعتبر السبب الرئيسي لانتقال فيروس الإيدز من المصاب للآخرين عن طريق الحيوانات المنوية.

2- التعرض للدم الملوث، عن طريق نقل الدم من المصاب الى شخص سليم، أو التعرض للدم بصورة مباشرة مثل تعرض مقدمي الخدمة الصحية لدم المصاب عن طريق الوخز بالإبر، أو عن طريق إبر تعاطي المخدرات. وللسيطرة على نقل مرض الإيدز للآخرين عن طريق الدم أصبحت هناك إجراءات مشددة لعملية نقل الدم مما إدى إلى تدني حالات الإصابة بمرض الإيدز عن طريق الدم إلى حالة واحدة لكل 2 مليون حالة نقل دم.

3 – انتقال الفيروس من الأم الحامل المصابة إلى الجنين، حيث أشارت الدراسات إلى أن نسبة انتقال المرض من الأم للجنين بين 50 إلى 65% . لكن مع تطور أساليب العلاج إذا تم اكتشاف المرض خلال فترة الحمل واستعملت الحامل العلاج تقل النسبة إلى أقل من 5. % .

معتقدات خاطئة عن طرق العدوى:

اعتقد الناس في الماضي أن المرض ينتقل للآخرين عن طريق المصافحة أو العناق أوالقبلة أو استعمال أغراض المريض، إلا أن التجارب أثبتت عدم صحة هذا الاعتقاد.

مؤشر خطورة

كشفت إحصاءات منظمة الصحة العالمية المنشورة في 2011م حقائق مرعبة عن المرض حيث تحتل المنطقة العربية المرتبة الثانية بين دول العالم للإصابة بمرض الإيدز بين الأطفال المولودين حديثاً، وصل عددهم إلى (6400) طفل وليد، مقارنة (100) طفل وليد في أمريكا الشمالية، و100 وليد في أوروبا الغربية، و (4300) وليد في أمريكا الجنوبية، و(3400) وليد في أوروبا الشرقية بما فيها الاتحاد السوفياتي. وتزداد هذه الحالات في أفريقيا وآسيا، وذلك لعدة أسباب منها انعدام الوعي والثقافة، والفقر الشديد، وضعف الإمكانات.

ويضيف الدكتور غسان يوسف ولي استشاري الأمراض الباطنة والأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث بجدة أن العلاج ساهم في خفض معدل الوفيات بين مرض الإيدز، كما منع وقوع نحو 700 حالة وفاة في عام 2010م. وسجلت حالات الوفاة بين الأطفال تراجعاً تحت سن 15 عاما بين عامي 2005 و 2010 بواقع 20%.

تحقيق 3 أصفار

ويهدف برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز) لمكافحة المرض في السنوات الخمس المقبلة، لإحراز تقدم في مجال مكافحة الإيدز وتحقيق هدف “صفر إصابة جديدة بالإيدز، وصفر تمييز، وصفر وفيات مرتبطة بالايدز”. كما أن الحملات التثقيفية تعمل على توعية المجتمع خاصة الشباب للتعريف بمرض الإيدز وطبيعته وكيفية الوقاية منه.

العلاجات

حدث تطور مذهل في علاج مرض الإيدز في العقد الأخير، ويرجع الفضل في ذلك إلى اكتشاف مجموعة جديدة من الأدوية تقوم بالعمل على مناطق جديدة في فيروس الأيدز نفسه. وتعمل هذه العقاقير على منافسة الفيروس في ميكانيكية عمله داخل الخلية المناعية الإنسانية، وبالتالي تشل حركة الفيروس وتمنع تكاثره مما يعطي لمناعه الإنسان الفرصة لاستعادة نشاطها وعودتها إلى وضعها شبه الطبيعي في مكافحة الأمراض الانتهازية والأورام النادرة، يجب التأكيد على أن هذه الأدوية المتطورة تثبط عمل الفيروس وتوقف عملية تكاثره، لكن لا تتخلص منه نهائياً. ويوجد حالياً أربعة وعشرين دواءً لعلاج المرض، ويعالج المريض باستخدام مجموعة من ثلاثة إلى أربعة أدوية، ومن ثم تتم عملية متابعة المريض عن طريق قياس كمية الفيروس التي يجب أن تخفض إلى مستويات متدنية، وكذلك قياس عدد الخلايا المناعية والتأكد من ارتفاعها إلى مستوياتها الطبيعية.

العلاج رقم 1

  يعتبر دواء (FDA) الدواء رقم (1) في أدوية الإيدز من ضمن الأدوية الحديثة التي وافقت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية عليها، ويتكون من حبة واحدة فقط، وتمت السيطرة على انتقال الفيروس من الأم المصابة إلى جنينها وذلك بفضل العلاجات الناجعة التي تتناولها الأم.

أمل جديد لأزواج

أشارت دراسة حديثة نشرت في 2011 بالمجلة الطبية العالمية New England jornal medicine) إلى أنه إذا كان أحد الزوجين مصاباً بالإيدز فتتفاوت نسبة إصابة الشريك الآخر حسب سنين الإصابة، وقد تصل إلى 40% مع مرور الزمن، كما تقل نسبة الإصابة إلى أقل من 2% إذا كان المصاب يأخذ الدواء بانتظام.

أحدث الاكتشافات

نشر بحث في مجلة “ناتشر” يشير إلى أن باحثون أمريكيون بمعهد اللقاح والعلاج بالمورثات في ولاية أوريجون توصلوا إلى لقاح جديد يمكنه حماية القردة من المعادل لفيروس “إتش آي في” المسبب لمرض الإيدز، وقد يسهل التوصل إلى لقاح للبشر ضد هذا المرض. حيث وجدوا إن اللقاح قد وفر الحماية لـ13 من 24 قردا تم إعطاؤهم اللقاح في إحدى التجارب. وهذا الإنجاز “قد يساهم بشكل كبير” في تطوير لقاح فعال لفيروس “إتش آي في” المسبب لمرض الإيدز.

طرق الوقاية من الإيدز:

 لا يوجد أي لقاح أو علاج يقضي نهائياً على مرض الإيدز، وما اكتشف حتى الآن من العلاج يعمل على تثبيط الفيروس فقط ومنع تكاثره، وتبقى الوقاية منه بتجنب أسباب الاصابة التي تتمثل:

– عدم تعاطي المخدرات.

– استخدام العازل (الواقي) الذكري عند إصابة احد الزوجين بالمرض، مع تعاطي العلاج.

–  تجنب الممارسات الجنسية المحرمة والشاذة والسلوك الخاطئ.

– عدم استخدام المحاقن أو الأدوات الثاقبة أو الشفرات المستخدمة من قبل المريض.

– تشجيع الذكور على الاختتان، حيث ثبت أن الختان أحد أسباب الوقاية من مرض الإيدز. حيث أكدت دراسة جنوب إفريقية بدعم من الوكالة الوطنية الفرنسية للأبحاث حول الإيدز ونشرت بالمكتبة العامة البريطانية للعلوم الطبية أن الختان يمكن أن يقلص من نسبة الإصابة بفيروس الإيدز في صفوف الرجال بنسبة 60 %.

Exit mobile version