هموم المثقفة السعودية وخارطة الطريق

الكاتبة: رحاب أبو زيد 

 في الواقع لم أعد مشدوهة تجاه النحو الذي ستتكشل عليه خارطة الثقافة السعودية في الوقت الحالي ودور المثقفة السعودية، إذ أنه لا ينتظر منّا أقوالاً وتصريحات، بل أفعالاً حقيقية نبادر من خلالها إلى رفع مستوى الوعي بالوطن ومستوى المثقف العادي المهموم بتسديد فواتيره الباهظة وتوفير لقمة عيش كريمة له ولأبنائه. نحن يجب ويجب بقوة أن نعترف أننا جزء لا ينفصل عن العالم، ولسنا بمعزل عمّا يدور فيه من تغيّرات خطيرة. الخريطة العربية تتغير كل لحظة فكيف يتأتى لنا في هذه اللحظة أن نغلق آذاننا ونسد أعيننا عما يدور هنا وهناك. هذا ينسف بالكامل فكرة “الخصوصية” التي كانت تحوم حولنا ويتمسك بها البعض ظنّاً منهم أنها طوق نجاة أو درع واق يكفل لنا حماية ضد أي موجات تغريبية أو تشريقية! كل ما يحدث منذ مطلع عام 2011م يشهد على أن حرية الرأي والتعبير هي المعول الذي به فقط نستطيع الخروج بفكر منسجم دون تشجنات يقارب بين التيارات الفكرية المختلفة والمتضاربة، وبين وجهات النظر والرؤى، كما أنه سيكشف فيما لو عُمل به عن النوايا الداخلية وراء أي توجه جديد أو أيدلوجية مُرضية لكافة الأطراف.

أقصد بذلك أن الدخلاء على الفكر يشوّهون المشروع الأساسي الذي نعمل به والهدف الذي نسعى إليه، ولهم في ذلك مآرب أخرى. من جانبي يشغلني حالياً ما يدور حولي على المستويين الداخلي والخارجي، وأحسبه يشغل كل مثقف ينظر حوله ليرى الأشياء تتحرك في سرعة عجيبة كهبوب الرياح لا يبقي ولا يذر، لكنها قد تعيد الأمور إلى نصابها الحقيقي والأشياء إلى أماكنها الأصلية فلا يبقى إلاّ ما يستحق البقاء. أتطلّع لنشر مشهد مشرق للفكر في البلاد عن طريق تقديم نفسي وأعمالي بصورة نقية وضّاءة تقف في ملتقى طرق لتجعل منها نقطة بداية إنطلاقة لمشروع مغاير هو نهضة المرأة والرجل معاً على كل الأصعدة. ولتحقيق ذلك عملت أولاً على تصفية ذهني من الأنانية والتمحور المنغلق داخل دائرة ضيقة لا تمس هموم الواقع المعاش ولا تقدم له أطروحات إيجابية بأي شكل من الأشكال، بل تزيد الأمر تعقيداً حين نتفرغ للترهات والمعارك الصغيرة ونتجاهل معاركنا الكبرى. لذا أرجو “منّا” وضع حد ونهاية لملف الصراع الوهمي مع الرجل، أدعو المرأة الكاتبة للتوقف عن الرثاء لذاتها ولوضعها الإجتماعي ليس لأنه بات في مكانة أفضل وأرفع في الوقت الراهن، ولكن لأنها هي وحدها القادرة على صنع تاريخ مستنير لها ولبنات جيلها، فلتكف عن العويل الذي لا طائل من ورائه سوى الرجوع للخلف بغية توسل ذراع الشفقة، وهي بذلك تُساهم في تأخرها وتساهم أيضاً في تسليم راية التغيير لرجل قد لا يكون مؤهلاً لذلك.

فلنعد العدّة لنتغير نحن أولاً في احترامنا لذواتنا وتقديرها بالشكل اللائق بعيداً عن غرور حارق أو تنازل هدّام. على المرأة الآن التصالح مع نفسها ومع الأخريات اللواتي يجب أن يشكلن معها وحدة صف ووحدة خطاب، فالسبب المؤلم وراء عدم تحقيقنا لأي نجاح هو في عدم وجود مطالب موحدة للمرأة، هي مزعزعة الرأي بين موافقة ومعارضة، وبين مدركة لدورها وأخرى لا تؤمن به مطلقاً، والعجيب أكثر أن غير الملتزمات بقضايا المجتمع يخضن المعارك الصغيرة لمجرد بلبلة الرأي أو للفت النظر تحت راية أنهن مُصلحات.

Exit mobile version