سَكن عُزّاب

الكاتب : نايف العتيبي
ألا ياحيرة القلم ما اقسى حرفك ومَا اندى حبرك, تكتّل الافكار على هَوان اللغة على ضعف الواقع مُركّب مَجنون, بمخاطرة الدافع واثبات مَسكنة الخاضع وسكينة الخادع, السكن لُغةً كل ماتستأنس له الروح وترتاح به, أيّ يعني ذلك السور المتين والحصن المنيع والراحة الغرّاء, بينما يصدح بالطرف الآخر مُجون من الطراز البخيل, وسلطةُ من العيار الثقيل تبدأ بعلكِ الجُمل ابتداءً بخروج حَج ! وانتهاءً بالقيمة الخيالية للمجمع السكني, طَالبنا طبيبنا الصغير ذكراً كان أو أنثى يبدأ بصقل أحلامه بعدَ حصوله على التعليم الأوّلي مُكملاً اثنا عشرَ سنةً, من خبرة ( الماصة والكرسي ) ومثل الكثير يبدأ بنسج العالم الحريري بالعبارات التكميلية لصورة تخيّلية وضعها في اعتباطاته .
أنا اخترتُ الذهاب الى أيّ مكان مادمتُ لن أبقى مُحاصراً با أوامر, لم يكن هُناك مُستقبلاً واضح فقط طائرة لم أقلع على ظهرها قطّ, وحريّة بلا حدود كانت كفيلة بأن اتخذ القرار سأدرس في منطقة أخرى, لم يخطر على بَالي أنني أحتاج الى ميزانيّة من فئة الخمسمئة مكررة كثيراً, ومركبة با اربع كفرات اضافة الى سّكن, وتأهيل ذاتي لمرحلة غُربة كان يطغى فيها استعجال قرار الابتعاد على منطقية قرار التأنّي, لم يُكتب لي ماسبقت ذكره ولكنها كانت خيالات موجودة وأحمد ربّي أنني أكملت عُمري الجامعي على فراش ينقض مضجعه, ازعاج أخوتي وصوت والديّ عند ايقاظي من سباتي, لم أعلم قيمة وماهيّة هذه الحقيقة الا بعد التأني, وسماع بقيّة تجربة الغُربة, هُناك من يقول انهُ تحوّل لشخص انطوائي, وآخر مازال يكذب على آهله بنجاحه سنوياً وهو في غُبّة الرسوب, وطالبٌ اعيته المطاعم واكتسب وزناً على وزن وآخر وهناً على وهن .
بسيطون هُم يقبع في جوانبهم ترسبّات السنين وحكمة الوحدة, افتخر كثيراً بوجودهم رغم مصاعبهم احترمهم مليّاً وكليّاً, احترم أن التونة أصبحت الكبسة في نظرهم والاندومي فحدّث ولا حرج, طرقٌ متعددة وحظٌ متحظحظ قد تصيب مرّة وتخيب مرّات, احترم مرمطة النقل ورفع الايجار وغلاظة المالك وتسمم المطاعم, وسوء الظن لانك تقبع تحت دائرة شرّك وهو كونك أعزب, احترم الطالبات وهم آكثر قلقاً وأقلّ صبراً, احترم انهم سكنوا بعيداً في مقر مفر, قائمة المحظورات فيهِ تبيح لهم الممنوعات قسراً, احترم ابداعهم ببقائهم على قيد الدراسة حسيبين أنفسهم ورقيبين أعمالهم, احترم الفوضى وكومات الورق وكآبة الساعات, احترم الابتسامة والروح المضيافة, احترم الاجازة وحزم المتاع احترم الدموع من الأم عند الوداع .
عندما يتوفر في محيطكَ أناس هكذا, يصبرون على المضض ابتغاء علم و خدمة طَاهرة وعبادة, ينبغي ان يوجد هُناك مايكفل لهم راحتهم فقط, بتوازن مادّي وتكافل وزاري يُمكن تهيئة البيئة المُناسبة لرؤية أفضل الامكانات تُتاح فقط لانّهم شعروا بالأمان, وبوجود عائلة أخرى أساسية تكفل لهم حقوقهم, من جميع الجوانب الماديّة والمعنويّة وحتّى الابداعيّة بعيداً عن جشع المَالك وديكتاتوريّة المراقب, تنمية الأمل بروح العزيمة وتشجيع العطاء بمنح الثقة, كفيلُ با ان يُزحزح خيبةَ أحلام نسجوها وباتوا الآن يرقّعون تمزقاتها .
 
 

Exit mobile version