الملفّ الطبّي العام

الكاتب : عبد الباسط مليباري 

لطالما حلمت بأن أدخل على طبيب يملك خلفيّة و لو بسيطة عنّي! و أعتقد بأني سأستمر في هذا الحلم مع أحلام كثيرة منها أن أرى مستشفى أم القرى الجامعي في ألقها و هي التي لا أعلم حقّاً ما الذي يجري فيها,الطبيب يتعامل مع أُمّة ، مع كلّ فئات المجتمع صغيرها و كبيرها ، عالمها و جاهلها ، غنيها و فقيرها ، و هذا يعني بأن نسبة ليست ببسيطة تعيش تحت خطّ الفقر (الطبي المعلوماتي) إذا تسنّى لي استخدام هذا المصطلح مجازاً ، و يتعامل أيضاً في بعض المواقف مع أطباء مثله و مع أطباء المستقبل الذين سينتفعون بنصحه و إيضاحه التفصيلي للأمور في كثير من الأحيان مستقبلاً.

إلمام الطبيب بتاريخك الطبي يعطي شيئاً من الأمان ، فقد يمنحه ذلك المساعدة في تشخيص مرضك بسهولة ، و يمنعه من صرف دواء قد يؤثر سلباً على أدوية تستخدمها بدون علمه -جهلاً منك أو سهواً منه-، و يوفّر عليه الوقت الطويل المنقضي في الحفر و التنقيب عما تستخدم و تتعاطى منها أو ما قد تملك من أمراض وراثيّة هي الأخرى غير معترف بها في مراكزنا الصحية ولم يترسخ الاهتمام بها حتى الآن عند أطباء الأسرة و المجتمع في بلادنا ، و يعطيه معلومات مهمة قد تراها كمريض غير مفيدة في تشخيص حالتك ، ينبّهه بكمّية المضادات الحيويّة التي يراها الكثير من الأطباء العلاج السحري ، و لا يتردد لوهلة في قذفها عليك – وهي آفة أخرى يملك الأطباء خلفية أكبر مني حولها- ، و يوفّر بعد ذلك تاريخاً طبياً يعلم جميعنا أهمّيته في القادم من الأيام لأطباء الجيل القادم في فحص أبنائنا كذلك .

فكيف بهذا الملف أن يتكون و أنا أملك في كلّ مستشفى حكوميّ كان أو خاصٍ ملفاً امتلأ كل واحد منها بأنواع الفحوصات المتكررة في بعض الأحيان ، و بعدد لا حصر له من التشخيصات و الوصفات المليئة بأسماء تجارية كثيرة لم أكن أعلم بأن غالبها كان يندرج في النهاية تحت صنف المضاد الحيوي أو المُسكِّن ! .

ليس الحلّ في انتظار قيام وزارة الصحة بتأسيس قاعدة بياناتها العامّة للملفّات ، المحتوية على تاريخ آبائنا و جيلنا من بعدهم ، و هو بلا شكّ أمر واجب ومحتّم يقوّي الأمن الصحّي و يعطي الدولة إمكانية مضاعفة في مراقبة سير الأنظمة في منشآتها الحكوميّة كانت أو الخاصّة و القيام بمحاسبة المقصر فيها ، و يكون بعد ذلك أهم وسيلة مساعدة على تطوير علم الوراثة و طب الأسرة و المجتمع ، و ليس الحل أيضا في إلقاء اللوم على حكومتنا بلا عمل ولا علم .

هنالك طرق بسيطة قد تمثل حلا مؤقتاً كأن يبدأ كلّ منا بما لديه من إمكانيّات بسيطة في تدوين جميع الأدوية الموصوفة له بكمياتها مع تواريخ استخدامها و أسماء الأطباء الذين وصفوها على أقل حال ، و قد يأتي الحلّ من الأفراد أو القطاع الخاص في القريب ، من يدري ؟!

Exit mobile version