السباحة مع التيار الأقوى

الكاتبة: حياة الجطيلي

تأملت في هذه الآراء المحلّقة حولي في كل مكان. تطالعني دائماً في أوجه الإعلام المختلفة. في المحيطات العائلية . وفي جلسة القهوة مع صديقاتي , وهذه الأوجه والآراء  الصوتية والحرفية هي نتاج طبيعي تفاعل خلايانا العصبية مع المؤثرات والأحداث حولنا ولكن في وقتنا الحالي ألاحظ أن الجدل وتناثر الآراء بعلم وبدون علم حتى في القضايا الحساسة قد صار شيئاً مألوفاً . خوض  كثير في كل شئ على الإطلاق كبر أو صغر ومقابله حديث متعقل .

وخلال ذلك اتأمل في بعض الألسنة سواء اصواتاً أو تغريدات في تويتر فأجد أحياناً الاندفاع في الرأي والتمرد على المسلمات وصارت سهولة التواصل بيننا نعيق أحياناً بما لا يُسمع أو ينفع وخلال ذلك أجد السباحة مع التيار الأقوى والهتاف مع الصوت العالي بغض النظر عن ماهيته فأتساءل:

هل هي هواية  في مجتمع متجاذب فكرياً بشدة  ؟! هل هي طبيعة بشرية تلقائية ؟! هل هي الخيار الآمن لدى بعض أنماط الشخصيات ؟! ثم ما هو تعريف التيار الأقوى ؟هل هو قوي برموزه مثلاً ,هل هو قوي بما يحمله من فكر أم قوي بماضيه . هل هي قوة لهجته وأسلوبه هل وفرته في كل مكان إعلامياً ,هل قوته من الضجة حوله هل قوته لأنه الخيار الأسهل او المألوف إن صح القول هل هي بكثرة تابعيه غدا قويّاً تعددت التعاريف للتيار القوي في ثقافة مجتمع ينشر الرأي أكثر مما يصنعه !!

فاحتار مرة أخرى وأنا أقف في وسط هذه التيارات المتلاطمة  واسأل نفسي الحكاية متى تسبح وتتبع شأناً معينا وتعبر عنه ؟! هل هو واجب ؟ هل يضيف رأيك شيئاً ؟ هل يضيف صمتك شيئاً؟ فالمواقف  والأحداث تختلف

ثم يتولد سؤال آخر ما هو هذا الضجيج الذي تسمع به ؟! قيل وقال أم حقيقة أم مجرد ظاهرة أم حادثه تستدعي الوقوف عندها . هل هو شأن علمي في مجالك  أم ديني لابد ان يهمك أو اجتماعي ؟

افهمه .. واستمع أكثر مما تتكلم .. خذ وقتك في إدراكه..ثم احكم عليه

وإني في هذه ارى كثرة المتعجلين إن كنت منهم في بعض موقفي  في الحكم والتقرير على الأمر من أوله او ربما بعضهم بشخصنة الآراء على من يتكلم قبل ماذا يقول .. أو الحكم فقط  بمجرى العاطفة ولا أقصد الكره والحب ولكن الحذر والمبالغة والغضب ..كلها عاطفة تشوش حكمك وتجانبك الصواب او التعجل في الحكم لطبيعة الشخصية كالتطرف والتعصب او التعجل في الحكم لقصور رؤية في شأن فعلا لم تبحر فيه أو قصرت رؤيتك فرأيت من زاوية واحده.

قد تكون أنت وأنا أحد هؤلاء ولكن في خضم ذلك ..عوّد نفسك على الصبر والصمت أحياناً حتى تكتمل صورة الأمر في ذهنك

 -احياناً لا حاجة لك ان تكون في صف ما انما هي ظاهرة وضجة ولا داعي لأن تكون تغريداتك بينها وتقول رأيك حتى تكون تكلمت ربما في هذا الموقف يظهر فن الصمت

 -لا تبدي رأياً في غير ما تعلم وما تحسن فتكون ممن تكلم بغير فنه فأتى بالعجائب

-لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكم وما أكثر ما نرى ذلك في التعصب والانفعال في التعليق على كلمة بسيطة وقد يصل الأمر إلى الشتيمة وهما لا يعرفان بعضهما .. فعندما تلمح بوادر حوار عقيم انسحب بود.. و لا تدري اي تأمل وبعد نظر يزين رؤيتك للأمور حولك من صمتك وتعقلك وغض طرفك في الجدل قال عليه الصلاة والسلام : (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحقا )

-ولا تدري أي مرونة تكتسبها من تواضعك وصدق حرصك على ما ينفعك في اي حوار بغض النظر عن الاختلاف الذي يعلّمك حسن الإنصات
-ثم لا يغرك علمك وفطنتك فتنخدع برأيك فتظن دائما أنك على صواب , لأنك لك مستمعين ومكثت في العمر سنين

 نحن في زمن احوج ما نكون فيه لبعد الرأي والاتزان في الحديث و في النظرة و تحديد الموقف بذاته وكأنما تضعه بين قوسين بدون تعليقه بأي تيار شائع  

همسة : رب كلمة قالت لصاحبها دعني

Exit mobile version