مجلة نبض-BBC: رخيص وفاعل وسهل الاستخدام، لكن لماذا يُحرم ملايين المرضى حول العالم من استخدام المورفين عند معاناة الألم؟
في جناح مفتوح في مستشفى مولاغو في العاصمة الأوغندية كمبالا، ترقد سيدة عجوز اسمها جويس على السرير الخامس يسارا، كانت تلف ملايات السرير حول جسدها ووجهها يعتصره الألم، بينما يحوم زوجها الناحل بجسده الذي يشبه العصفور حولها عاجزا عن المساعدة.
جويس مصابة بسرطان انتشر في كل أنحاء جسدها، وكانت حتى أيام قليلة يتم حقنها بالمورفين، ثم توقف هذا بعد ذلك. تقول الممرضة المشرفة على علاجها :”إنها تعاني ألما مستمرا، وتصف هذا الألم وكأنه يخترق عظامها.”
تقوم الحكومة الأوغندية بصناعة وتوزيع المورفين ليستخدم في المستشفيات، ولكن سوء الإدارة يعني سرقة الإمدادات. تقول الدكتورة ليزلي هينسون الاختصاصية في علاج الألم ضمن الخدمة البريطانية في مستشفى مولاغو :”نحن في وضع بالغ الصعوبة.”
تؤكد ليزلي أن لديهم مرضى كان يتم التحكم في الألم عندهم بواسطة المورفين، ولكن تم إيقاف هذه الجرعات، في كل الأحوال المورفين عقار ممتاز للاستخدام في الدول النامية، فهو رخيص وفاعل وبسيط ويسهل تناوله عن طريق الفم، ولكن الآن وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من خمسة ملايين مصاب بالسرطان يموتون كل عام بسبب الألم دون تعاطيهم المورفين.
ميج أوبرين رئيس المنظمة العالمية لتخفيف الآلام وهي منظمة إنسانية تدعم الاستخدامات الطبية للمورفين تؤكد :”الحقيقة أن الشئ الذي يمنع تفاقم الألم هو عقار لايتعدى سعره دولارين في الأسبوع، أعتقد أن هذا شئ غير معقول.”
تؤكد أوبرين أن الدول الغنية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة يوجد فيها مورفين يكفي كل من يعاني الآلام بالكامل، ولكن في الدول ذات الدخل المنخفض لاتزيد قدرة علاج الألم عن 8 في المئة، وفي الدول ذات الدخل المتوسط يكون الحصول على المورفين أحيانا مستحيلا.
في الهند يعتمد الحصول على المورفين على قدرة وحجم المكان الذي تعالج فيه، ففي مستشفى تاتا ميموريال وهو مركز علاجي حديث عالي التجهيز في مومباي لاتوجد مشكلة في حصول المرضى على المورفين.
تقول الدكتورة ماري آن ماكادين رئيسة قسم علاج الألم بالمستشفى :”لدينا كل الأدوية التي نحتاج إليها، وهي لاتنفد أبدا.”
ولكن في أماكن أخرى في البلاد تختلف القصة، حيث تقدر ماكادين أنه مابين واحد إلى اثنين بالمئة فقط من الهنود المصابين بالسرطان يحصلون على المورفين.
فمثلا دينيش كومار ياداف الشاب ذي الثمانية والعشرين عاما يحضر إلى مستشفى تاتا ميموريال مسافرا لمدة ثلاثين ساعة بالحافلة، ليحصل على المورفين لزوجته، أخبرني أنها طريحة الفراش تعاني من الألم ولا يستطيع الحصول على المورفين لها في الولاية التي يقيم فيها شمالي الهند.
عودة إلى المستشفى في كمبالا، حيث نفد المورفين من صيدلية المستشفى وجويس مريضة السرطان ستغادر المستشفى دونه، ولكن اختصاصية الرعاية الفائقة ليزلي هينسون أدركت جويس بضربة حظ، فبعد مغادرتها للمريضة، دخلت إلى غرفة مكتبها فلاحظت بريقا فوق رف الكتب ورأت زجاجة مورفين منسية، وهي كافية لعلاج مريضين أو ثلاثة.
قالت وهي تسرع الخطى تجاه غرفة جويس :”سنعود إليها وننظر ماذا نفعل”، وبسرعة استخدمت الطبيبة المورفين، وابتسمت جويس، لم يعد وجهها يملأه الألم في حين بدا زوجها سعيدا.
سألت جويس عما إذا كانت سعيدة بحصولها على المورفين، فأجاب زوجها :”جدا في الحقيقة”، ولكن المرضى الباقين في المستشفى سيظلون يعانون الألم فلا يوجد مورفين يكفيهم جميعا، ولكن على الأقل خلال الساعات القليلة المقبلة لن تعاني جويس الألم.