التصوير التلفزيوني ثلاثي ورباعي الأبعاد

مجلة نبض – بيان الميمني :

تطرقنا في مقال سابق للدكتورفواز أديب ادريس (أستاذ مساعد بكلية الطب- جامعة أم القرى, رئيس قسم النساء والولادة بمستشفى المركز الطبي الدولي ,رئيس وحدة الإخصاب والذكورة بمستشفى المركز الطبي الدولي , إستشاري أمراض النساء والولادة والحمل الحرج والأجنة والعقم وأطفال الأنابيب والمناظير .) عن التصوير التلفزيوني أثناء الحمل ومدى تأثيره على الجنين ونستكمل في هذا المقال الحديث عن دور التصوير التلفزيوني في تشخيص بعض الأمراض والتشوهات الخلقيه وتقينه التصوير التلفزيوني الثلاثي والرباعي الابعاد .

ماهو فحص( التصوير التليفزيوني) في مرحلة 11-14 أسبوع من الحمل؟

أكتشف ذلك العالم الكبير البروفيسور نيكولا يدس، حيث أستخدم(التصوير التليفزيوني) في هذه المرحلة من الحمل لقياس المنطقة الواقعة خلف مؤخرة رأس الجنين، وبإستخدام هذا الفحص بالإضافة لعمر الأم أو بإضافة بعض تحاليل الدم أحياناً، نستطيع تحديد نسبة إحتمالية وجود تشوهات خلقية بالجنين أو بالكروموسومات لديه. ولذا فإنه في حالة عدم وجود تشوهات بالكروموسومات فإنه يجب البحث عن التشوهات الخلقية عن طريق (التصوير التليفزيوني) في منتصف الحمل بواسطة  طبيب متخصص بذلك. إضافة لذلك فإننا في هذه المرحلة من الحمل نستطيع رؤية عظمة الأنف، والتي يفتقدها الكثير (وليس كل) الأطفال المصابين بمتلازمة 21 (المنغوليين). حديثاً أيضاً يمكن حساب تدفق الدم بإحدى صمامات قلب الجنين،والذي أيضاً له دور في حساب احتمالية وجود متلازمة 21.

 إذا لم يكن لإكتشاف التشوهات الخلقية أهمية طبية وقت تشخيصها، لماذا إذاً نبحث عنها، لأن ذلك قد يؤثر على نفسية الزوجين، وربما عدم المعرفة يعتبر أفضل؟        

هذا سؤال جيد ولكني مختلف معك في الرأي، لأن معرفة الزوجين بوجود هذه التشوهات أثناء الحمل يهيأهم نفسياً لتقبلها والتفاعل معها وقت الولادة، فتخيلي كيف سيكون شعورهما عندما يتفاجئا بوجود تشوهات عند طفلهما وقت الولادة. هذه اللحظة التي أنتظراها 9 أشهر وهما يتوقعان ولادة طفل سليم وكامل!

إذاً المعرفة المبكرة أثناء الحمل تهيئهما نفسياً وتحد من واقع الصدمة (إن صح التعبير) وقت الولادة، كما أن لهذه المعرفة المبكرة أهمية طبية في بعض الحالات، فبالرغم من أننا لن نستطيع تغيير شئ في معظم الحالات وقت الحمل، ولكن قد تحتاج بعض هذه الحالات لعلاج مبكر وقت الولادة لإعطاء نتائج أفضل، ففي هذه الحالات فإنه يجب توجيه الزوجين بضرورة الولادة في مستشفى متخصص قادر على التعامل مع مثل هذه الحالات.

أخيراً وليس آخراً فإن معرفتنا بوجود تشوهات كبيرة وقاتلة في بعض الأحيان قد تمنعنا من إجراء عملية قيصرية للأم إذا تعب الطفل وقت الولادة، فكيف  نعرض الأم لمشاكل العملية القيصرية إذا كانت فرصة حياة الطفل بعد الولادة ضعيفة جداً.

بالتأكيد إن اختار الزوجين عدم الرغبة في المعرفة المبكرة هذه فلهما ذلك.

لقد ذكرت أننا لانستطيع تغيير شئ في معظم الحالات وقت الحمل، فهل نستطيع في بعض الحالات؟

نعم، فهناك بعض الحالات النادرة التي يمكن إجراء تدخل جراحي للطفل وسط رحم الأم لمحاولة تحسين نتائجها كإنسداد مجرى البول أو فتق الحجاب الحاجز إلاّ إن الدارسات مازالت قائمة والنتائج متفاوتة بحسب التشخيص.

ماذا عن دور (التصوير التليفزيوني) في فحص نمو الجنين ووزنه آخر الحمل؟

أثبتت العديد من الدراسات، تضّمن أحدها أكثر من 25000 سيدة حامل أن الفحص الروتيني بالـ (التصوير التليفزيوني) لجميع الحوامل في هذه المرحلة ليس له أي أهمية طبية، وبالتالي هذا لم يساعد على تقليل نسبة دخول الحاضنات بعد الولادة أو نسبة ولادة أطفال غير سليمي النمو أو حتى نسبة وفيات الأطفال، بل على العكس، أثبتت هذه الدراسات أن الفحص الروتيني في هذه المرحلة يزيد من نسبة التدخل الطبي الغير لازم، حيث أنه زاد نسبة الطلق الصناعي والعمليات القيصرية دون أن يحسن نتائج هؤلاء الأطفال بعد الولادة.

بالطبع أنا أتحدث هنا عن الفحص الروتيني لجميع الحوامل، أما الفحص عند اللزوم كحالات إرتفاع ضغط الدم على سبيل المثال لا الحصر فذلك بالتأكيد له أهمية، وإجرائه له ضرورة طبية.

ماذا عن إستخدام التصوير التلفيزيوني من نوع (Doppler) لقياس تدفق الدم بالحبل السري؟

هو كذلك ينطبق عليه ما ذكرته آنفاً بخصوص الفحص الروتيني لقياس وزن الجنين لجميع الحوامل آخر الحمل، فقد أثبتت العديد من الدراسات والتي تضمنت أكثر من 14000 سيدة حامل أن الفحص الروتيني بالـ  (Doppler) لجميع الحوامل لم يكن له أية أهمية طبية ولم يساعد على تحسين النتائج أو تقليل نسبة الوفيات أو دخول الحاضنات أو غيره.

ولكن بالتأكيد إستخدام هذه التقنية الرائعة عند اللزوم كحالات إرتفاع ضغط دم الأم أو حالات عدم نمو الجنين النمو السليم (على سبيل المثال وليس الحصر) له أهمية وضرورة طبية.

 

ماذا عن شعور الأم أو الأب أيضاً؟

بالتأكيد للـ (التصوير التليفزيوني)أهمية نفسية للوالدين، فهو يطمئن الزوجين على أن الجنين حياً، خاصة  في الشهور الأولى من الحمل قبل أن تستطيع الأم الإحساس بحركة الجنين. إضافة لذلك يربط الوالدين بالجنين عاطفياً بشكل أكبر، كما أنه يطمئنهم على سلامة الجنين في آخر الحمل عندما تبدأ الأم مرحلة الخوف على سلامة جنينها والخوف من الولادة وإلخ.

في المقابل قد يزيد الـ(التصوير التليفزيوني)الغير ضروري من قلق الزوجين  عندما نكتشف على سبيل المثال وجود شيء غير واضح، أو نلاحظ تغير لا يعرف له أهمية طبية. إذاً هي معادلة ما بين عمل البعض من الـ(التصوير التليفزيوني)الضروري، دون الإسهاب في إجراءه دون ضرورة.

فعمل التصوير مرتين لثلاث مرات على الأكثر يفي بالغرض الطبي والنفسي للوالدين، أما إعتقاد بعض الوالدين أنه يجب “مشاهدة” الجنين وقياس وزنه عند كل زيارة لطبيب النساء والولادة فيه إفراط من إستخدام هذه التقنية والذي قد يؤدي لتدخلات طبية غير ضرورية.

الدكتور فواز لقد تمرنت وقمت بتدريس (التصوير التليفزيوني) ثلاثي ورباعي الأبعاد. لابد أن هذه التقنية ساعدت الكثير من الآباء والأمهات للإطمئنان على سلامة الجنين، كما أنها ساعدت في الكشف عن الكثير من التشوهات التي لم يظهرها (التصوير التليفزيوني) العادي.

هذا غير حقيقي ولكن للأسف هذا ‘اعتقاد الكثير من الناس.

لم يضيف (التصوير التليفزيوني) ثلاثي الأبعاد الكثير في الكشف عن تشوهات الأجنة، التي تم إكتشافها بـ (التصوير التليفزيوني) ثنائي الأبعاد (العادي). ليس هذا فحسب بل أن (التصوير التليفزيوني) ثنائي الأبعاد (العادي) في يد المتمرس عليه مايزال أفضل بكثير في الكشف عن تشوهات الأجنة. إذاً من الناحية الطبية إنحصرت فوائد التصوير (التصوير التليفزيوني) ثلاثي الأبعاد في تأكيد بعض التشوهات القليلة جداً كالتي بالعمود الفقري أو الشفاه الأرنبية على سبيل المثال، والتي تم تشخيصها أصلاً (التصوير التليفزيوني) ثنائي الأبعاد.

لذا فإن (التصوير التليفزيوني) ثلاثي ورباعي الأبعاد يستخدم بشكل أكبر لكي يشاهد الزوجين وجه الجنين (والذي ليس له أي قيمة أو فائدة طبية) وإنما هي ذكرى جميلة (لبعض الأزواج) يمكن الإحتفاظ بها في ألبوم طفل المستقبل، وقد أنشأت العديد من هذه المراكز “التجارية” في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تدار بأناس (غير أطباء) تمرسوا على عمل هذا النوع من الأشعة، ولذا فإنه مازال هناك مناقشات طويلة حول الناحية الطبية الأخلاقية لوجود أو السماح لمثل هذه المراكز من الإستمرار في العمل، لأن الوضع تحول من فائدة طبية لفائدة تجارية. بالتأكيد تقوم هذه المراكز بتوقيع الزوجين على إقرار يؤكد أن هذه الأشعة لاتكشف عن التشوهات وإنما هو فقط “شريط” للذكرى. هذا مع العلم أن معظم ولايات كندا مازالت متحفظة في السماح لوجود مثل هذه المراكز!

إذاً ماهو (التصوير التليفزيوني) ثلاثي ورباعي الأبعاد؟

يعتقد بعض الناس (خطأ) أن(التصوير التليفزيوني) ثلاثي الأبعاد هي صورة وجه الجنين الجميلة التي يرونها عند إجراء هذا الفحص. ولكن حقيقة الأمر أن (التصوير التليفزيوني ثلاثي الأبعاد)هو أخذ صورة لعضو أو جزء من أجزاء الجنين يقوم بعدها الجهاز بتحليلها إلى أبعاد ثلاثية ويعطينا بذلك ثلاث صور (طول وعرض وعمق)، ليستفيد بعد ذلك الطبيب من تحديد موقع نقطة معينة في جسم الجنين لفهم مصدرها بالضبط. إذاً هناك فائدة طبية ولكنها محدودة جداً في مجال الحمل والأجنة، ومنحصرة فقط لتشوهات قليلة، يلجأ إليها الطبيب لفهمهما أو فهم مصدرهما إن اقتضت الحاجة. إضافة إلى هذه الصور الثلاث، يقوم الجهاز بإصدار صورة رابعة هي محصلة الثلاث صور تسمى (Rendered mage) وهي مايرى من خلالها الوالدين وجه الجنين والإحتفاظ به كذكرى.

أما (التصوير التليفزيوني الرباعي الأبعاد) فهي رؤية تلك الصورة الرابعة بشكل متحرك. إذا هذه التسمية تعتبر هي مجازية، لأنه لايوجد مايسمى بالبعد الرابع!

Exit mobile version