تأخر النمو في الأطفال أسبابه وكيفية علاجه

مجلة نبض – بيان الميمني: 

تختلف أطوال وأوزان الأطفال فيما بينهم كما تختلف هذه المقاييس بين الشعوب أيضاً ولذلك في كل دولة أو مجموعة دول لها معدلات أطوال وأوزان خاصة بها كما أن هنالك فرقاً بسيطاً بين معدلات نمو الذكور والإناث لذلك تستخدم مقاييس خاصة بكل جنس ، في هذا المقال يحدثنا الدكتور عبد المعين عيد الاغا ( أستاذ مشارك بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز واستشاري طب الأطفال والغدد الصماء والسكري ) عن النمو في الاطفال وأسباب تاخره وكيف يتم تشخيصه وعلاجه ..

النمو في الأطفال :
تتغير الأوزان والأطوال  بشكل مطرد خلال الأعوام الأولى من العمر لذا يعمد الأطباء إلى استخدام الرسومات البيانية ، وهي عبارة عن رسم بياني يعطي الطول أو الوزن حسب العمر أو الجنس ، وفي العادة يكون العمر في أسفل الرسم وفي أحد جانبي الرسم يكون الطول أو الوزن وما على الشخص إلا وضع علامة عند طول الطفل أو وزنه حسب عمره وبعد وضع تلك العلامة يقارن بين تلك العلامة وبين المعدلات الطبيعية .

كيف يتم التعرف عما إذا كانت معدلات النمو ضمن المعدل الطبيعي في الطول أم لا ؟

يتم ذلك بالاستعانة بشكل منحنى النمو ، وفيه يوضع الطول المقابل للعمر ، فإذا كان الطول أقل من منحنى (3%) فهذا يدل على وجود قصر في القامة ولمزيد من التأكد يوضع طول الأم والأب على المنحنى وذلك بعد إنقاص 13 سم من طول الأب إذا كانت فتاة وإضافة 13 سم إذا كان ذكراً واعتبار سن (18) هو المكان الذي توضع عليه أطوال الوالدين ، فإذا كان أحد الأبناء بعيداً عن متوسط طول الوالدين فهذا يستدعي إجراء بعض التحاليل العامة مع أشعة تقييم العمر العظمي ، أما إذا كان طول الطفل ضمن المعدل الطبيعي لأطوال والديه فسوف يعطى موعداً آخرمن ثلاثة الى ستة أشهر لإعادة قياس الطول ومعدل النمو للتأكد من أن طول الطفل لازال ضمن معدل أطوال الوالدين .

طريقة قياس الطول :

يتم ذلك بإسناد ظهر الطفل إلى جدار مستقيم ويقف الطفل حافياً ويضم قدميه ويلتصق بالجدار ويراعى أن يقف بانتصاب وينظر إلى الأمام ، ثم تستخدم مسطرة أو مايماثلها ويتم وضعها على رأسه بزاوية قائمة مع الحائط ثم توضع علامة على قياس الطول على الحائط ثم تقاس المسافة من تلك العلامة إلى الأرض بمسطرة أو شريط ويكرر القياس 3 مرات متتالية .

تعريف قصر القامة :

أن الطول يكون أقل من 3% من منحنى الطول الطبيعي للطفل أو الطفلة عندما يرسم هذا الطول على الرسومات البيانية العالمية للنمو الخاصة لنفس الجنس والعمر والبلد . إن قصر القامة مشكلة شائعة عالمياً ويقدر حدوثها بنسبة خمسة أطفال لكل 100 طفل .

أسباب قصر القامـة :

  1. قصر القامة بسبب التأخر الفسيولوجي للنمو وللبلوغ .
  2. قصر القامة بسبب اعتلال في الكروموسومات (الأمشاج) أو بسبب وجود متلازمات مرضية .
  3. بعض المتلازمات مثل متلازمة داون -متلازمة نونان -متلازمة “روسب سلفر” -متلازمة “برادر ويلي” -متلازمة “سانجد سقطي” .
  4. قصر القامة بسبب قلة وزن الطفل عند الولادة .
  5. قصر القامة بسبب ضعف إفراز هرمون النمو .
  6. قصر القامة بسبب نقص هرمون الغدة الدرقية .
  7. قصر القامة بسبب زيادة إفراز الغدة الكظرية الفوق كلوية .
  8. قصر القامة بسبب العامل النفسي .
  9. قصر القامة بسبب نقص التغذية .

الغذاء والنمـو :

إن الغذاء الجيد أساسي في نمو كل طفل ومن أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل للنمو هي : الحليب – الكبد – اللحوم – صفار البيض والخضروات .

عنصر الحديـد :

يعتمد جسم الطفل في نموه على الحديد فهو أحد المكونات المهمة في كريات الدم الحمراء لأنه يساعد في نقل الأكسجين إلى كل خلية من خلايا الجسم . وللحديد دور في تطور وعمل الدماغ عند الطفل والحديد مهم جداً للأطفال لأنهم في حالة نمو سريعة ، كما أن الحديد مهم جداً لليافعات لأنهن يفقدن كميات كبيرة منه مع دم الدورة الشهرية .

إن الحديد موجود في اللحم الأحمر ولحم الطيور والمأكولات البحرية ويمتص الجسم الحديد من الأطعمة الحيوانية أفضل من الأطعمة النباتية ودائماً يتحسن امتصاص الحديد من الجهاز الهضمي إن أعطي الطفل مشروباً يحتوي على فيتامين ج C ، أما إذا كانت تغذية الطفل مضطربة فيمكن إعطاؤه مستحضراً يحتوي على فيتامينات ومعادن تشمل عنصر الحديد .

هرمون النمـو :

يفرز هرمون النمو من الغدة النخامية نتيجة بعض المستحثات الطبيعية مثل (الرياضة – النوم العميق) وهو لا يعمل بشكل مباشر لكنه يشجع الكبد يشجع الكبد على إفراز عوامل نمو تشبه الأنسولين تسمى (السوماتوميدينز) IGFBP3- ، -IGF-1 وتقوم عوامل النمو إلى جانب هرمون النمو بالعمل بشكل خاص على جزء من العظام تسمى صفائح النمو حيث تتم عملية نمو العظام إذ يقوم كل من هرمون وعوامل النمو بحثّ خلايا صفائح النمو على التكاثر الأمر الذي يؤدي إلى إطالة العظم ، كذلك له تأثير بنائي قوي فهو يزيد من تصنيع البروتين ويساعد على تحويل الدهون إلى طاقة مما يقلل حجم الدهون وبالتالي لا يؤدي إلى زيادة الوزن كما يعتقده أهالي المرضى ، كذلك يقوي الأنسجة الرخوة والأربطة والغضاريف مما له الأثر الكبير في منع حدوث هشاشة العظام .

النوم وهرمون النمـو :

النوم الكافي المبكر يزيد من إفراز هرمون النمو وهذا مهم لليافعين والأطفال لأنه يحسن من طولهم وبنيتهم الجسدية ووظائف أعضائهم ، ويبدو أن تأخر النوم يربك إفراز هرمون النمو في الليل بل الغالب أنه يربك جميع الهرمونات التي تفرز في الليل خلال النوم ، لذلك خلق الله النوم ، حتى يتفرغ الجسم لترميم ماتلف من خلايا ويستكمل مانقص من إنزيمات وهرمونات إذ يساعد النوم الكافي والعميق والمبكر أنسجة الجسم على النمو بشكل صحيح .

ماهي الغدة النخاميـة ؟

إن الغدة النخامية هي معجزة من معجزات الخالق سبحانه وتعالى فهي تزن حوالي نصف جرام (حجم حبة الفول السوداني) ويبلغ قطرها سنتمتر واحد ، تقع في تجويف عظمي في أسفل قاعدة الدماغ تسمى السرج التركي Sella Turcica لأن شكلها يشبه سرج الفرس التركي ويسميها البعض “سيدة الغدد ” لأنها المنظمة لباقي الغدد وهي تتكون من فصين اثنين يختلفان عن بعضهما البعض من حيث التركيب والوظيفة وتتصل مع منطقة تحت المهاد Hypothalamus بواسطة سوية نخامية Pituitary Stalk

الأعراض والعلامـات لنقص هرمون النمو :

عادة يكون نمو الطفل و حجمه طبيعيا عند الولادة ويستمر نموه طبيعياً خلال السنة الأولى من العمر , ثم يستمر نموه بعد ذلك ولكن بمعدل بطيء جداً , يكون تناسب عظام الجسم طبيعياً وتكون ملامح الوجه طفولية وغير ناضجة والتكوين العضلي ضعيفاً والصوت رفيعاً والجسم يميل إلى السمنة ، كذلك غالباً يكون هنالك تأخر في ظهور الأسنان ، وكذلك تأخر في نضوج العظام ويقل العمر العظمي عن العمر الحقيقي ، ولكن تجدر الإشارة أن هؤلاء الأطفال يكونو أذكياء وتكون وظيفة ونضوج أعضاءه الجسمية طبيعية .

كيف يتم تشخيص وعلاج نقص هرمون النمو عند الأطفال ؟

يتم تشخيص نقص هرمون النمو عند الأطفال بعدة تحاليل تسمى بتحليل هرمون النمو بالاستحثاث أقل من نسبة 10 نانو جرام/ مللتر، وفي الغالب يكون من الناحية الإكلينيكية طولهم أقل من المعدل الطبيعي وطولهم أقل من متوسط طول الأب والأم. وتكون تقاطيع وجههم أقل من عمرهم الحقيقي فلربما يكون عمر الطفل الحقيقي 10 سنوات وتقاطيع وجهه تبدو وكأنه في السادسة أو السابعة من عمره.

    وهناك تحاليل مساندة لتحليل هرمون النمو مثل عوامل نمو تشبه الأنسولين، تسمى IGFBP3, -IGF-1 وكذلك عمل أشعة لمفصل لمفصل الكف والرسغ اليسرى لتحديد العمر العظمي، وكذلك تحليل مرض “سيلياك” وهو مرض سوء امتصاص الطعام، وكذلك تحليل الغدة الدرقية. في حالة وجود نقص في هرمون النمو يتم فحص الغدة النخامية بعمل أشعة الرنين المغناطيسي للتأكد من سلامة هذه الغدة من أي عيوب خلقية أو عيوب عارضة على سبيل المثال وجود أي ورم أو كيس في الدرقية يعيق من إفرازها للهرمونات، بعد التأكد من ذلك يتم علاج الطفل أو الطفلة بهرمون النمو، وجدير بالذكر أن الهرمون المستخدم هذه الأيام هو هرمون مصنع عن طريق الهندسة الوراثية وبالتالي هو تقريبا مثل الهرمون الطبيعي الذي يفرز من جسم الإنسان ويعمل هذا الهرمون على بناء الغضاريف الموجودة في نهاية العظام، وبالتالي يزداد طول الطفل بمعدل مثلما لم يكن لديه أو لديها نقص في هرمون النمو، ويجب طمأنة الأهل إذا كان الهرمون ناقصا، فإنّ استخدام هرمون النمو ضروري جداً، وليس له –بإذن الله- مضاعفات خطيرة ولكنه ضروري لتكملة نمو الطفل. وبدون علاج هرمون النمو يعجز الطفل أو الطفلة لبلوغ الهدف المتوقع من الطول لديهم، لذلك يجب عدم التردد في استخدام علاج هرمون النمو في حالات نقص الهرمون المفرز من الغدة النخامية، وكلما كان علاج الهرمون في وقت مبكر كلما كانت النتائج أفضل بكثير من استخدامه في فترة ما بعد البلوغ أو بعد حدوث الدورة الشهرية للفتيات، لذلك ننصح جميع الأهالي عندما يلاحظون ضعفاً في نمو طفلهم أو طفلتهم يبادرون سريعا إلى الطبيب المتخصص لفحص هرمون النمو لديهم وعمل التحليل المشار إليها، وذلك لتفادي التأخر في أخذ العلاج.

     والجدير بالذكر أن علاج هرمون النمو لا يوجد منه حبوب أو شراب في جميع أنحاء العالم ولكنه متوفر عن طريق إبر، وهذه الإبر تُعطى تحت الجلد وتكون بشكل يومي خلال الأسبوع وأحياناً يُعطى يوم واحد راحة كيوم الجمعة مثلاً فلقد أثبتت جميع الدراسات أنّ استخدام علاج هرمون النمو يومياً قبل النوم يُعطي نتائج أفضل كثيراً من أن يستخدم يوماً بعد يوم أو أن يُستخدم في فترات متقطعة.

Exit mobile version