اوقفوا الواتساب

واتساب

الكاتبة: د.وئام بنجر

الواتساب برنامج للتواصل الاجتماعي بين الأهل و الأصدقاء و تبادل الأخبار بينهم غير أنه حاد عن الهدف الذي أنشيء من أجله فصار المصدر الرسمي لنشر كل إشاعة. و لعل من أهم الشائعات التي لا يتداولها فقط مستخدموا الواتساب بل يسارعون في نشرها الشائعات التي تتعلق بالأخبار الصحية التي في غالبها مكذوبة و لكنها تخاطب عاطفة الناس فتكسب جمهورا يسارع في نشرها. المشكلة أن الشائعة في غالب الأحيان بلا مصدر و ليس لها مرجعية بل هي من بنات خيال كاتبها الذي استثمر وقت فراغه و أطلق العنان لمخيلته ليقوم بصياغة فيها من الحبكة القصصية الكثير و من الدقة الطبية اللاشيء تقريبا.

أحيانا يبدو أن سيناريو الواتساب يشبه سيناريو مسلسل الرسوم المتحركة حكايات عالمية فالخلطات السحرية التي تخلص من السكر و تخفض ضغط الدم و تُطيل الشعر و تفتح لون البشرة لها نصيب كبير، ثم مسلسل الجوالات القاتلة التي تجمد الدم في العروق و تقتل أصحابها و هم نائمون، ثم مسلسل الفاكهة الملوثة بالفيروسات الناقلة للايدز و خلافه. الغريب أن مطلقي الإشاعات يشعرون أن من واجبهم أن يضيفوا جملة “أثبتت الدراسات العالمية” و في الواقع فإن هذه الدراسات لن نتمكن من معرفة من قام بها و لا في أي مكان في العالم و لا حتى ما هي النتيجة. فالخلطات المتداولة أثبتت فشلها الذريع بل أكثر من ذلك كانت سببا في كثير من الأحيان في تدهور حالة المرضى خاصة إذا كان المرض مزمنا. بل إن كثيرا من الخلطات كان لها تأثير عكسي أدى إلى تحويل الأصحاء إلى مرضى. أما مشكلة أجهزة الهاتف النقال القاتلة لأنها تطلق إشعاعا قاتلا بالليل فالسؤال و لماذا لا تطلقه إذن في النهار؟ فالمفترض أننا لا نعيش أحداث فيلم رعب تدور مشاهده في مدينة الهواتف النقالة. الغريب أن هناك مشكلات حقيقية تحدث بسبب الهاتف النقال و يتجه المتضررون إلى الشركة المصنعة التي تطلق بياناتها و لكن يبدو أن الواتساب أكثر قدرة على حل المشكلة من الشركاات المصنعة. أما إشاعات الفواكه التي تنقل مرض الايدز و التي تنتعش موسميا فالفيروس المسبب لمرض الايدز لا يمكن أن يعيش و لا أن ينقل المرض إذا لم يمكن عبر طرقه المعروفة. الإشاعات التي تتعلق بالصحة لا تتوقف عند حد معين فعندما انتشرت انفلونزا الخنازير بشكل وبائي انتعش سوق اليانسون لأن بريدا الكترونيا انتشر و ذلك قبل أيام الواتساب معلنا أن اليانسون هو الدواء السحري. و الآن مع انتشار وباء الإصابة بفيروس الكورونا انتعشت شائعة غريبة أن تبخير البيت باللبان يقي من الكورونا!! لا ندري ما العلاقة بين البخور و الكورونا و لكن الواتساب يقول كذلك و في عرف الكثيرين الواتساب لا يكذب!!

الغريب أن هناك كثير من المعلومات السليمة و المقالات التي يمكن تداولها و لكن ربما كونها معلومة صحيحة يجعلها غير قادرة على الانتشار بل يتجاهلها الناس و لا يبادرون إلى نشرها و كأن الشائعة تستهويهم و ترضي غرورهم. إن ما يتداوله الناس من معلومات صحية عبر الواتساب و إن بدا الموضوع ليس مهما فإنه خطير. فانتشار المعلومات الخاطئة و الشائعات معناه تعميق الجهل و تصعيب مهمة المثقفين الصحيين الذين يحاولون جاهدين رفع الوعي المجتمعي العام بما يتعلق بصحتهم…

همسة: بالنسبة لما يتعلق بشائعات الواتساب فتذكر … لا تنشر تؤجر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى