السادّ (الماء البيضاء) cataract
د. فادي رضوان
رئيس تحرير مجلة جديد الصحة والطب ومدير مجمع الترجمة الطبية
برعاية ” نبض”
السّاد هو تغيّم (غبش) يصيب عدستي العينين، واللتان تتوضّعان إلى الخلف من القزحيّة والبؤبؤ.
السادّ هو المسبّب الأكثر شيوعاً لحدوث نقص الرّؤية عند البشر الذين تتجاوز أعمارهم الأربعين، وهو السبب الأكثر شيوعاً للعمى في العالم عند تركه دون علاج.
يصيب السادّ حالياً أكثر من 22 مليون أمريكيّ ممن تجاوزوا عمر الأربعين. وفي الوقت الذي يرتفع معدّل أعمار الأمريكيّين، يُتوقّع أن يصل أعداد الأمريكيّين المصابين بالسادّ حوالي 30 مليوناً بحلول عام 2020.
تكون عدستا العينين رائقتين في الحالة السويّة، وهما تعملان بشكلٍ شبيه بعدسة الكاميرا، بحيث تركّزان الضّوء على الشبكيّة في قطب العين الخلفي. وتكون العدستان حتى بلوغ الإنسان عمر الخامسة والأربعين قادرتين على تبديل شكليهما بحيث يتشكّل خيالٌ واضح للمرئيات سواءً أكانت قريبة أم بعيدة. ومع تقدمنا بالعمر تبدأ الأمور بالتغيّر، فتبدأ بروتينات العدستين بالتفكّك وتصبح العدستان مغبشتين. فيصبح ما تراه العينان مُغشّاً. وتُعرف هذه الحالة باسم السادّ (الماء البيضاء).
وتتضمّن أنواع السادّ ما يلي:
1. السادّ تحت المحفظة: وهو يحصل في مؤخّرة العدسة. لدى الأشخاص المصابين بالسكّري أو مدّ البصر مرتفع الدّرجة أو التهاب الشّبكيّة الصّباغيّ (مرض وراثيّ) أو الأشخاص الذين يتناولون جرعات مرتفعة من الأدوية الستيروئيديّة (الكورتيزونات) خطورة أعلى لتطوّر السادّ تحت المحفظة.
2. السادّ النوويّ: وهو يتشكّل عميقاً في المنطقة المركزيّة للعدسة (النواة). وعادةً ما يترافق السادّ النوويّ مع التقدّم بالعمر.
3. السادّ القشريّ: وهو يتميّز بوجود عتامات بيضاء إسفينيّة الشّكل في العدسة تبدأ في محيطها وتشقّ طريقها نحو المركز على هيئة أشعة العجلة. يحصل هذا النوع في قشرة العدسة، وهي جزءٌ من العدسة يحيط بالنّواة المركزيّة.
العوامل التي قد تسرّع من تطوّر السادّ هي ما يلي:
– السكّري
– التهابات العين
– الرضّوض العينيّة
– وجود قصّة عائليّة للإصابة بالسادّ
– الاستخدام المديد للكورتيكوستيروئيدات (المأخوذة عن طريق الفم) أو أدوية معيّنة أخرى
– التعرّض للأشعّة
– التّدخين
– قصّة جراحة عينيّة بسبب إصابة عينيّة أخرى
– التعرّض المكثّف للأشعّة فوق البنفسجيّة (ضوء الشّمس)
ويبقى سبب السادّ مجهولاً في الكثير من الحالات.
الأعراض والعلامات
يبدأ السادّ ضئيلاً ولا يترك بدايةً إلا القليل من التّأثيرات على قدرتكَ على الإبصار. فقد تلاحظ في البدء أنّ رؤيتكَ ضبابيّة قليلاً، كما لو أنّك تنظر من خلال قطعة زجاج مغشّاة أو كما لو أنّكَ تشاهد لوحة انطباعيّة لكلود مونييه.السادّ قد يجعل الضّوء الآتي من الشّمس أو من مصباح يبدو ناصعاً للغاية أو متوهّجاً، أو قد تلاحظ إن قدتَ السيّارة ليلاً أنّ مصابيح السيّارات الأماميّة أصبحت أكثر توهجاً من السّابق. وقد لا تصبح الألوان التي تراها زاهيّة كما اعتدتَ أن تراها.
سوف يؤثّر نوع السّادّ عندكَ على طبيعة الأعراض التي تشكو منها وعلى سرعة حصولها. فعندما يتطوّر السّادّ النوويّ، قد يتسبّ ذلك بدايةً بحصول تحسّن مؤقّت في رؤيتكَ القريبة، وهذا ما يُطلق عليه اسم “الرّؤية الثانويّة”.
ولسوء الحظّ أنّ هذا التحسّن في البصر لا يطول بقاؤه وسيزول عندما يتطوّر السادّ. ومن ناحيةٍ أخرى قد لا يعطي السادّ تحت المحفظة أيّة أعراض إلى أن يصبح مكتمل النّضوج.
ويمكننا أن نوجز الأعراض على هذا النحو:
يتطوّر السادّ عند الرّاشدين ببطء ودون أن يتسبّب بألم. ويتدهور البصر في العين المصابة أو في الاثنتين على نحوٍ بطيء.
– عادةً ما يحصل غبش خفيف في العدسات بعد عمر السّتّين، لكن دون أن يتسبّب ذلك بأيّ اضطرابات في الرّؤية.
– يكون لدى معظم البشر مع وصولهم لعمر الخامسة والسّبعين سادّ يؤثّر على بصرهم.
ويمكن للاضطرابات البصريّة أن تشتمل على التغيّرات التالية:
● التحسّس تجاه الإضاءة السّاطعة.
● الرّؤية المغبشة أو غير الواضحة أو الضّبابيّة أو المغشاة.
● صعوبة في الرّؤية ليلاً أو تحت الأضواء الخافتة.
● الشّفع (ازدواج الرّؤية).
● نقص في حدّة الألوان.
● مشاكل في رؤية الأشكال بمواجهة خلفيّة أو في تمييز الفارق بين تدرّجات اللون.
● مشاهدة هالات حول الأنوار.
يؤدي السادّ لانخفاض الرؤية عموماً، حتى في أوقات النّهار. ويكون لدى معظم المصابين بالسّادّ تبدّلات متشابهة في كلتا العينين، ولو أنّ عين قد تتدهور أكثر من الأخرى. الكثير من الأشخاص المصابين بتلك الحالة لا يكون عندهم سوى تبدّلات بصريّة خفيفة.
الاختبارات الطبيّة
يُستخدم فحص العين القياسي والفحص بالمصباح الشقّيّ من أجل تشخيص السادّ، ونادراً ما يكون هناك حاجة لفحوص أخرى، إلا في حال الحاجة لاستبعاد الاحتمالات الأخرى التي تسبّب ضعف البصر.
العلاج
عندما تبدأ الأعراض بالظّهور، يمكن للإجراءات التّالية أن تساعدكَ على ضبط السادّ عندكَ:
– نظّارات عين أفضل
– الإضاءة الأفضل
– العدسات المكبّرة
– النظّارات الشّمسيّة
وقد تحتاج مع تقدّم السادّ لإجراء تعديلات في محيط منزلكَ لتجنّب الوقوع والتسبّب بأذيّة لنفسكَ.
العلاج الوحيد للسادّ هو الجراحة الهادفة لاستئصاله. تُجرى الجّراحة إنّ بتَّ غير قادرٍ على القيام بالنّشاطات المعتادة مثل قيادة السيّارة أو القراءة أو النّظر لشاشة الكمبيوتر أو التلفاز، حتى باستخدام النظارات.
إن لم يكن السادّ مزعجاً لكَ فلا تكون الجّراحة ضروريّة عادةً. السادّ لا يؤذي العينين في الأحوال الطّبيعيّة، لذلكَ بإمكانكَ أن تجري الجّراحة عندما تشعر أنّكَ مقتنع بها.
يعتبر الكثير من الناس أنّ ضعف النّظر حقيقة محتومة مع التقدّم بالعمر، لكن جراحة السادّ إجراءٌ بسيط وآمن وغير مترافق مع الألم نسبياً من أجل استعادة النظر.
جراحة السّادّ
إنّه إجراءٌ ناجحٌ جداً لاستعادة النّظر. إنّها تشكّل على أرض الواقع الإجراء الجّراحي الأكثر شيوعاً في الولايات المتّحدة، حيث يجري أكثر من ثلاثة ملايين أمريكيّ جراحة السّادّ في كلّ سنة. يسترجع تسعة من أصل كلّ عشرة يجرون عمليّة السّادّ رؤية جيّدة جداً، بحيث تتراوح قوّة الإبصار ما بين 20\20 إلى 20\40 بعد الجراحة.
يقوم الجّرّاح خلال العمليّة باستئصال عدستيكَ المغبشتين ويستبدلهما في معظم الحالات بعدسات بلاستيكية في باطن العين (IOL).
تتطوّر العدسات البلاستيكيّة في باطن العين بشكلٍ متواصل لجعل الجراحة أقلّ تعقيداً أمام الجرّاح ولجعل العدسات أكثر فائدة للمريض. قد تساعدكَ العدسات البلاستيكيّة في باطن العين المصحّحة لمدّ البصر الشّيخي (Presbyopia-correcting IOLs) على الرّؤية الواضحة من على كافّة المسافات، وليس من مسافة واحدة فقط. ويقوم نوع جديد من العدسات البلاستيكيّة في باطن العين بحجب الأشعّة الضّوئية فوق البنفسجيّة والزّرقاء، والتي يعتقد الباحثون أنّ بإمكانهما تخريب الشّبكيّة.