ما هي العلامات التي قد تدل على إصابة طفلك بالتوحد؟
د. أشرف رضوان (اختصاصي في طب الأطفال)
من مجلة “جديد الصحة والطب” برعاية نبض
ما هو التوحّد؟
التوَحُّد (ونشير له أحياناً باسم الذاتَويّة) Autism أو ما نسميه أحيانًا باضطراب الطيف التوحدي Autism spectrum disorder (ASD) مصطلحٌ عام يصف مجموعة من الاضطرابات المُركبة التي تؤثّر على نمو الدماغ، وترافق المصاب طوال حياته. ويتميز هذا المرض بتردي التفاعل الاجتماعي والتواصل الشفوي وغير الشفوي مع الآخرين وبوجود سلوك مُحدد ومتكرر. يضمّ التوحُّد طيف أو مجال واسع من الاضطرابات التي تبدأ عند الأطفال قبل عمر الثالثة، وهذا يعني أنه ليس هناك مريضي توحد عندهما نفس الأعراض تماماً، حيث يكون لدى بعض المرضى أعراض خفيفة ويمكنهم الاعتماد على أنفسهم نسبيًا، بينما يكون لدى آخرين أعراض شديدة وعجز عن التعلم بحيث يحتاجون لدعم مُتخصص طيلة حياتهم.
ومتلازمة أسبرجر Asperger syndrome هي أحد أشكال التوحد، يكون لدى المصابين بها ذكاء متوسط أو فوق المتوسط، ويكون عندهم مشاكل قليلة في الكلام، ويظل عندهم بعض الصعوبات في الفهم والتعامل مع اللغة.
ما سبب التوحد، وما مدى انتشاره؟
حتى وقتٍ قريب، كانت الإجابة على السؤال عن سبب التوحد هي “لا نعرف تماماً” بساطة. لكننا بتنا نقترب أكثر من الإجابة مع تواصل الأبحاث حول هذا المرض المُعقد. يقول العلماء حاليًا أنه ليس هنا سبب واحد للتوحد، كما أنّ أعراض التوحد مختلفة كثيرًا. نعرف الآن أنّ للتوحد أساس جيني قوي، وحدد العلماء على امتداد السنوات الخمس الماضية عددًا من التغيرات الجينية (الطفرات) المرافقة للتوحد. عددٌ صغير من تلك الطفرات كافٍ لإحداث التوحد بحدّ ذاتها، إلا أن العلماء وجدوا أنّ معظم حالات التوحد تحدث بسبب تركيبة من جينات الخطورة لحدوث التوحد وعوامل خطورة بيئية تؤثر باكراً على تطور الدماغ.
يمكن لعدد من عوامل الخطورة غير الجينية “البيئية” وفي حال وجود استعداد جيني للإصابة بالتوحد، أن تزيد خُطورة إصابة الطفل به. وتتضمن عوامل الخطورة البيئية الظاهرة للإصابة بالتوحد بعض الأحداث قبل الولادة وأثناءها، من مثل تقدّم عمر أحد الوالدين عند الحمل (سواء الأم أو الأب) ومرض الأم أثناء الحمل ومشاكل مُعينة أثناء الولادة، لاسيما تلك التي يتخللها فترات من حرمان دماغ الجنين من الأكسجين. وعلينا أن نتذكر أن تلك العوامل لا تسبّب التوحد بحد ذاتها، بل إن ترافقها مع عوامل الخطورة الجينية هو ما يرفع الخطورة بشكلٍ ملحوظ. وتشير بعض الأبحاث إلى أنّ تناول الحامل لفيتامينات تحوي حمض الفوليك أو أكل أطعمة غنية بحمض الفوليك يقلل خُطورة إصابة طفلها بالتوحد.
لا يوجد للأسف إحصائيات عربية شاملة أكيدة تدل على مدى انتشاره في مجتمعنا، لكن هناك معلومات تخص بعض الدول العربية، ففي المملكة العربية السعودية مثلاً دلت الإحصائيات على وجود 250 ألف طفل مُصاب بالتوحد، وقال الدكتور صالح الصالحي رئيس قسم النمو والسلوك بمدينة الملك فهد الطبية أن نسبة التوحد في المملكة تقارب طفل مُصاب من كل 160-180 طفل. وفي مصر صرحت الدكتورة مها عماد، مدير إدارة الأطفال بالأمانة العامة للصحة النفسية، بأن نسبة انتشار مرض التوحد فى مصر تصل إلى 1%، أي يبلغ أعداد المرضى هناك 800 ألف مريض. غير أن تكاثر المؤسسات المعنية بمرض التوحد في المجتمعات العربية، سواء أكانت أهلية أم رسمية، يدل على تزايد الوعي بشأن المرض وتحدياته، ويخلق مناخاً يساعد الأهالي على التواصل مع ذوي الخبرة، وتشارك الخبرات مع آباء آخرين يتصدون لذات المعاناة مع أطفالهم، ولو أن الواقع لا يزال دون الآمال كثيراً. أما عالمياً فتشير مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها CDC في الولايات المتحدة أن طفلاً أمريكياً من كل 68 هو مريض توحد، وهو أكثر بخمس مرات عند الصبيان منه عند البنات. وتقدر نسبته في آسيا وأوربا وأمريكا الشمالية بـ1% تقريباً.
علامات قد تشير لإصابة الطفل بالتوحد
يظهر التوحد عادةً بين عمري 6 أشهر وثلاث سنوات. غير أنّ تشخيص التوحد قبل عمر 12 شهراً يكون صعب عادةً. والتشخيص ممكن عادةً مع بلوغ الطفل عامه الثاني. مراقبة الأهل لطفلهم والانتباه للعلامات الباكرة التي يبديها عامل مهم في حسن التعامل معه واختيار جهات مختصة للإشراف على حالته. انتبه في حال أظهر طفلك أي من العلامات التالية:
علامات منذرة عند الرضع والدارجين
-عدم إشارته إلى الأشياء أو حملها ليظهرها للناس حوله أو ليشاركهم تجربته أو ليظهر لهم بأنه يريد شيئاً ما – فهو مثلاً لا يشير لقطة يراها، ثم ينظر لك ليتأكد أنك تراها أيضاً، أو أن يرمي اللعبة في حضنك
ويمشي بدل من أن يمسكها ويريها لك.
– لا يبدي ابتسامة كبيرة، أو باقي مشاعر البهجة عند بلوغه عمر الستة أشهر أو أكثر. فالأطفال الطبيعيون يبتسمون عادةً عندما تبتسم لهم، بينما نادراً ما يستجيب طفل التوحد عندما تبتسم لهم.
-عدم قيامهم بتواصل عيني معك (عندما ترضعينه مثلاً). فالأطفال المصابون بالتوحد يشوحون بوجههم بعيداً عندما تجرب وضع عينيك في عينيه. لذلك فإن نقص التواصل العيني علامة منذرة يجب أن تسترعي انتباه الأبوين.
– لا يحاول تقديم نفسه لك عندما تحاول حمله أو حضنه. بينما يحاول الأطفال الطبيعيون الوصول لك عادةً عندما تحاول حملهم.
– يبدأ الرضع بالغمغمة أو البررة بعمر الستة أشهر. وتأخر الطفل بالبربرة أو أن يبقى يبربر في العمر الذي يفترض فيه البدء باستخدام الكلمات قد يشير للتوحد.
-نادراً ما يحاول تقليد الإيماءات. يجرب الرضع الطبيعيون تقليد الأصوات أو الحركات التي يجريها الآخرون، أو يبتسمون أو يضحكون عند القيام بهكذا أمور.
-لا يستجيب عندما تناديه باسمه. يجب أن يتجاوب الطفل لاسمه بازدياد من عمر الستة أشهر إلى السنة. ونقص الاستجابة على اسمه قد تشكل علامة على الإصابة بالتوحد.
-لا يعطي إيماءات عند التواصل معه. يجب أن يتواصل الرضيع بعمر العشرة أشهر مع الآخرين بإعطاء إيماءات.
-تأخر الحبو أو الدحرجة أو المشي.
وفي أعمار أكبر قد نبدأ بملاحظة علامات مقلقة أخرى من مثل:
-عدم فهم مشاعر الآخرين أو عدم القدرة على التعبير عن مشاعرهم هم.
-تكرير كلمات أو عبارات معينة مراراً وتكراراً، وهو ما نسميه بظاهرة اللفظ الصدوي echolalia.
-إعطاؤهم إجابات لا علاقة لها بالسؤال المطروح عليهم.
-الانزعاج الشديد من الأصوات المرتفعة أو التغيرات البسيطة أو اللمس المفاجئ لهم.
-التصفيق المستمر بالأيدي أو القرع بالقدم أو الدوران حول أنفسهم بشكل متواصل.
-عدم اللعب مع الآخرين أو مبادلتهم الاهتمام بما يحبون.
-عدم طلب يد المساعدة من الآخرين وقلة الاهتمام بمساعدة الآخرين.
-التكلم بنيرة غير طبيعية أو بنظم غير عادي، كأن ينهي كل جملة كما لو كانت سؤالاً.
-الإجابة عن السؤال بسؤال بدل عرض الإجابة.
-الإشارة إلى نفسه بصيغة الغائب.
-استخدام غير صحيح للغة كأن يخطئ بالقواعد أو باختيار الكلمات.
-قضاء أوقات طويلة في ترتيب الألعاب بطريقة معينة أو بمشاهدة الأشياء المتحركة، مثل مروحة السقف، أو في التحديق في جزء معين من الشيء، مثل عجلات السيارة.
وتذكر دوماً أنك الطبيب الأول لطفلك، وبوسعك دوماً ملاحظة مثل تلك الأمور على طفلك أفضل مما يمكن للطبيب ملاحظته في زيارة سريعة. وإذا لاحظت أي من تلك الأمور على طفلك فعليك الترتيب لمقابلة مع طبيب الأطفال فوراً. وعلى أرض الواقع، من الأفضل أن تتطلب من الطبيب فحص طفلك حتى ولو كان يتوافق مع مرحلته العمرية، حيث توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأن يخضع جميع الأطفال لمسح نمائي روتيني، بالإضافة لتحري الإصابة بالتوحد، بأعمار 9 و18 و30 شهر من أعمارهم.
المراجع
1.http://www.autismspeaks.org/what-autism
2.http://www.alarabiya.net/articles/2012/04/04/205472.html
3.http://www.alsharq.net.sa/2012/04/15/220266
4.http://twahodvoice.com/AutismNewsDetails.aspx?id=61
5.http://www.cdc.gov/ncbddd/autism/data.html
7.http://www.medicalnewstoday.com/info/autism/
8.http://www.who.int/features/qa/85/en/
9.Melinda Smith, M.A., Jeanne Segal, Ph.D., and Ted Hutman, Ph.D (UCLA Center for Autism Research & Treatment). Last updated: April 2014.
- http://www.cbsnews.com/media/10-early-warning-signs-of-autism/5/
- http://www.cbsnews.com/media/10-early-warning-signs-of-autism/5/