بحث “مثير” لإنتاج لقاحات “شخصية” لمرضى السرطان
مجلة نبض-BBC:
أنتج باحثون في الولايات المتحدة لقاحات أعدت خصيصا لمكافحة الأخطاء الوراثية الفريدة لدى مرضى السرطان.
وأظهرت اختبارات السلامة، التي أجريت على ثلاثة أشخاص ونشرت نتائجها في دورية “ساينس” الطبية، أنه يمكن تدريب جهاز المناعة على مكافحة سرطانات الجلد.
ويقول الفريق الأمريكي إن النتائج الأولية تمثل “خطوة مهمة” في طريق إنتاج لقاحات “شخصية” (لكل شخص على حدة) لمكافحة السرطان.
ووصف مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، وهي مؤسسة خيرية، الاختبارات بأنها “مثيرة للاهتمام، لكنها تجربة في مرحلة مبكرة جدا”.
ويمكن لضوء الأشعة فوق البنفسجية تحويل خلايا الجلد السليمة إلى ميلانوما قاتلة من خلال الإضرار بالحمض النووي.
وتتسم الأورام بالفوضى الوراثية التي تضم مئات الطفرات العشوائية المختلفة لدى كل مريض.
مستضدات جديدة
وتتمكن الطفرات من تغيير البروتينات التي تبرز على السطح أو الخلايا وتكون بمثابة إشارات لتحديد هويتها.
وحلل فريق الباحثين، ويقع مقره بشكل رئيسي في مدينتي سانت لويس وأوكلاهوما سيتي، الطفرات الوراثية للتنبؤ بالإشارات الجديدة الفريدة التي تنقلها الخلايا السرطانية.
وفحص برنامج حاسوبي بعد ذلك الإشارات الجديدة، المعروفة بالمستضدات المستحدثة، لتحديد أفضل الأهداف لحقنها باللقاح.
وأنتجت اللقاحات الخاصة لثلاثة مرضى بالأورام في مراحل متقدمة عام 2013.
يمكن إزالة أورام الميلانوما في حالة اكتشافها مبكرا بقدر كافٍ
كان المرضى الثلاث قد تلقوا بالفعل عقارا آخر، وهو إيبيليموماب.
كان الأول في فترة خمود المرض وبقي خاليا من السرطان، وظلت أورام الآخر مستقرة، في حين انكمشت أورام المريض الثالث خلال الأشهر التي تلت تلقي اللقاح قبل أن تعود إلى حجمها الأصلي وتبقى مستقرة.
ويجري الفريق، في هذه المرحلة، اختباراته على سلامة اللقاح فحسب، وهل سيثير اللقاح استجابة الجهاز المناعي أم لا.
ويقول الفريق إن اللقاح كان ناجحا في الحالتين.
عقبات
ويقول أحد الباحثين، وهو غيرالد لينيت: “فريقنا يتمتع بقدر كبير من التشجيع بسبب جودة استجابة جهاز المناعة الموجهة ضد المستضادت المستحدثة للميلانوما لدى المرضى الثلاث”.
وأضاف: “نتائجنا لا تزال أولية، لكننا نعتقد بأن اللقاحات لديها إمكانيات علاجية”.
ويضيف زميله، بياتريس كارينو: “تلك النتائج تعد بمثابة خطوة مهمة لإنتاج علاجات مناعية أكثر تخصيصا”.
وتصطدم طريقة اللقاح الخاص بعدد من العقبات ينبغي إزالتها.
فبداية، هناك حاجة للتجارب السريرية المناسبة لإثبات أن تعزيز جهاز المناعة يشكل بالفعل فارقا في مكافحة الورم.
وهناك كذلك تساؤلات تثار حول التكلفة والوقت المستغرق –وهو ثلاثة أشهر حاليا- لإنتاج لقاح خاص بكل مريض من مرضى السرطان.
ومع ذلك، إذا أثبتت هذا النهج نجاحه يمكن أن يكون مفيدا في سرطانات أخرى عالية التحور، مثل تلك السرطانات الموجودة في الرئة.
“واعدة”
وربما يكون له دور في مكافحة سرطانات الثدي والمبيض في السيدات المصابات بالطفرات الوراثية لجين “بي آر سي إيه”، كالتي تعانيها نجمة هوليود، أنجلينا جولي، حيث تميل إلى أن تكون عالية التحور.
وقال آلان ورسلي، من مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة: “هذا مثير للاهتمام، لكن التجربة التي لا تزال في مرحلة مبكرة جدا توضح أنه قد يكون ممكنا إنتاج لقاحات تعد خصيصا لأخطاء وراثية محددة لكل مريض من مرضى السرطان.”
وأضافت: “وفي الوقت الراهن، ليس من الواضح مدى فعالية هذا العلاج المناعي في قتل الخلايا السرطانية في الجسم وتحسين فرص البقاء على قيد الحياة، لكن هذه الدراسة الواعدة تمهد الطريق لإنتاج لقاحات تصمم خصيصا لاستهداف أورام كل مريض على حدة في المستقبل”.
وقالت كارولين سبرنغر، التي تعمل على إعداد عقاقير جديدة لأورام الميلانوما في معهد أبحاث السرطان، لبي بي سي: “أعتقد بأنه أمر مثير جدا للاهتمام”.
وأضافت: “إنها نتائج إيجابية جدا، ومن الحسن كذلك أنها تتسم بالأمان، لكنها لا تزال في مراحلها الأولى”.