الساعة السحرية

140320114645_premature_baby_512x288_spl_nocredit

مجلة نبض – د. نوال عبدالغني:

دعونا نتصور حال الأمهات بعد الولادة وخصوصاَ في الساعة  الأولى منها,  سنراهم  على ثلاث مشاهد:  المشهد الأول, انتهت الأم من  العملية القيصرية, أو الولادة الطبيعية و لكن تم انعاش طفلها لسبب ما بعيدا عنها, فلم تراه و لم يلامس جسدها جسد الطفل.  أما المشهد الثاني, فهو المشهد السحري الطبيعي الذي يعكس ما جبلت عليه الفطرة,  فعند ولادة الطفل تم وضعه على صدر الأم مباشرةَ لنرى صورة بديعه للرحمة والحنان التي زرعها الله لتوثق وتأصل رابط الامومة. أما المشهد الأخير , فهو لولادة طبيعية وطفل معافى سليم ولكن تشعر الأم بالاشمئزاز (أو بالتقزز)  لأن طفلها مازال ملطخ بدم الولادة أو لأنه حان موعد  الإعلان عن ولادتها عبر الواتس اب والفيس بوك و بقية وسائل التواصل الاجتماعي أو لأنها مشغولة بالحديث مع والدتها “ماما استعجلي  بباقة الورد وصحون الكريستال والتوزيعات……الخ” مع الأسف, انتشر المشهد الأخير  كثيرا حتى  تحولت “الساعة السحرية” الى الساعة المنسية.

 

ماهو سر هذه الساعة السحرية وماهي أهميتها كي نسلط الضوء عليها ونذكر بها الأخوات الحوامل والكوادر الطبيه من أطباء وقابلات وممرضات لهم علاقه مباشره بالأم والطفل بعد الولادة.

الساعة السحرية او كما سماها البعض الساعة الذهبية هي  الساعة الأولى بعد ولاده الطفل.  و كما ذكرت الدراسة التي قامت بها الدكتورة  ANN MARIE WIDSTROM,  فإن سلوك المولود عند ملامسة جسده  جسد أمه  خلال الساعة الاولى من الولادة و بدون اي تدخلات يمر بتسع مراحل:
١ـ مرحله البكاء وتحدث مباشره عندما تبدأ الرئتين بالتمدد وتنتهي هذه المرحلة عند وضع الطفل على صدر الأم وملامسته لجسدها .
٢ـ مرحله الاسترخاء تبدأ بعد انتهاء البكاء وخلال هذه المرحلة تسترخي أطراف الطفل وتهدأ حركته وتستمر الى دقيقتين او ثلاث دقائق.
٣ـ مرحله الاستيقاظ يبدأ الطفل بتحريك رأسه وفتح عيناه ويحرك فمه حركات بسيطة و ذراعيه في بعض الاحيان.
٤ـ مرحله النشاط، الان يبدا الطفل بالنظرة الثابتة نحو امه وتزداد حركه فمه والبحث عن حلمه ثدي أمه.
٥ـ مرحله الراحة وقد تحدث في أي وقت خلال الساعة الأولى.
٦ـ مرحله الزحف، يقترب الطفل من ثدي الأم ويزحف بجسمه حتى يصل إليه. تبدأ هذه المرحلة عاده بعد ٣٥ دقيقه من الولادة.
٧ـ بعد الوصول إلى ثدي الأم تبدا مرحله الألفة  في الدقيقة ٤٥ بعد الولادة وهي عندما يألف الطفل أمه وذلك من خلال لمس الثدي و تدليكه و محاولة مص الحلمة. قد تستمر هذه المرحلة لمده ٢٠ دقيقه او أكثر.
٨ـ  مرحله المص، يأخذ الطفل حديث الولادة الحلمة بنفسه ويرضعها وهذه المرحلة مهمه جدا حيث ان الهدف من الرضاعة ليس غذائيا ولكن محفزا لهرمون الحليب ( البرولاكتين) وأيضا هرمون تقلصات الرحم او ما يسمى بهرمون الحب (الأوكسيتوسين). على الام ان تـنتبه لهذه المرحلة وتحرص على ان تعزز هذا السلوك الفطري لدى طفلها.
٩ـ المرحلة الأخيرة هي مرحله النوم التي تستمر في بعض الأحيان الى ساعه ونصف او ساعتين بعد الولادة.

 

اثبتت الدراسات ان هناك العديد من الفوائد من ملامسه الجسد الى الجسد بين الام وطفلها, من بين تلك الفوائد انها تحسن فسيولوجية الام والطفل وتجعلها مستقرة خصوصا في فتره ما بعد الولادة, و تزيد من إحساس الأمومة والتعلق بالطفل، و تمنع حدوث التأثير السلبي الناتج عن الفصل بين الأم وطفلها,  و يدعم النمو الامثل لدماغ الطفل حديث الولادة, والأهم من ذلك كله,  انها تعزز الشروع في الرضاعة الطبيعية بالمراحل الأولى  ويزيد من بدء الرضاعة الطبيعية والاستمرار بها لفتره اطول.

اذن انطلاقة الرضاعة الطبيعية تبدا من هذه الساعة السحرية. فما هو التحدي الان؟ هو أن نخلق جوا هادئا للأم مع طفلها ونؤجل التدخلات  غير الطارئة حتى نحصل على تواصل وترابط اقوى يؤدي الى استمرار الرضاعة. و تعد المراحل التسعة السابقة بمثابة خارطة الطريق للممرضة لمعرفة الوقت الانسب لنجاح الرضاعة الطبيعية ومتى يلزم التدخل للمساعدة.

 

و بالنسبة للام العزيزه, اذا أردتي ان تبدأي الطريق الصحيح للرضاعة الطبيعية فعليك ان تسخري اليوم الاول لطفلك، لن يضرك تأخير استقبال الزوار ليوم واحد فانتي أيضا بحاجه الى الراحة والاسترخاء. ينصح ايضا  تذكير الاب والعائلة التي ستتواجد في هذه الساعة  بأن يفسحوا المجال للام والطفل ان يعيشوا هذه التجربة التي لن تكرر الا مرة واحده في عمر هذا الطفل. وعادتاَ نجد  الأب و بقية افراد العائلة يرحبون بالمقترحات والمعلومات التي من شأنها التأكيد على سلامه وراحه الأم وطفلها.

أيتها الأم العزيزه, لا تدعي الأمور الشكلية وهدايا الزوار في اليوم الأول تشغلك عن اهتمامك بطفلك فهو الاهم. وعندما تريدين أن ترسلي ” لأحضان ماما و بابا جيت وعليهم نورت البيت  باسم الله شوفوني وفي مستشفى …. تلاقوني”
أرسليها بعد هذه الساعة الثمينة وحددي اليوم والوقت المناسب لك ولطفلك.

لا تحرمي طفلك الساعه الاولى, فهو أحق بها من  أي شخص اخر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. فعلا يجب الاستفادة من اللحظات التي لا تتكرر أشد الإستفادة، مثل الساعة الذهبية التي بين الأم وطفلها والأوقات التي تربط العائلة بينها وبين بعضها البعض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى