اضطراب المناعة الذاتية لدى الأم قد يزيد من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الطفل

وجدت دراسة للأطفال والأمهات في أستراليا أنه من المرجح أن تنجب النساء المصابات باضطرابات المناعة الذاتية، أطفالًا يصابون لاحقاً باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو ADHD .

وتشمل اضطرابات المناعة الذاتية الشائعة مرض السكري من النوع الأول، والتهاب القولون التقرحي، وداء كرون، والاضطرابات الهضمية، والصدفية، والتصلب المتعدد والتهاب المفاصل الروماتويدي، على سبيل المثال لا الحصر.

وقال مؤلف الدراسة التي نُشرت في “JAMA Pediatrics” تيموثي نيلسن، مسؤول الأبحاث وطالب الدكتوراه في مستشفى الأطفال في كلية ويستميد السريرية بجامعة سيدني إن “أمراض المناعة الذاتية عبارة عن اضطرابات حيث يقوم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ بمهاجمة الجسم”.

وقال نيلسن عبر البريد الإلكتروني إن الهجوم يمكن أن يؤدي إلى “اضطراب” متعدد الأعضاء مثل الذئبة، أو اضطراب خاص بالأعضاء مثل مرض الغدة الدرقية المناعي.
وأضاف نيلسن أن اضطرابات النمو العصبي مثل اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه، وصعوبات التعلم، والتوحد، ناتجة عن اضطرابات في نمو دماغ الجنين أثناء الحمل. وقال إن الأبحاث السابقة ربطت بين اضطرابات المناعة الذاتية لدى الأمهات المصابات بالتوحد، واضطراب الوسواس القهري، والتشنجات اللاإرادية أو متلازمة توريت عند الأطفال، لكن هذه واحدة من أولى الدراسات التي تفحص دور اضطرابات المناعة وتأثيرها على اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وأوضحت طبيبة الأطفال جيني راديسكي، الأستاذة المساعدة لطب الأطفال في مستشفى ميشيغان ميديسين سي إس موت للأطفال، والتي لم تشارك في الدراسة: “آمل ألا تضغط هذه النتائج على النساء المصابات بأمراض المناعة الذاتية أكثر من اللازم”.
وأضافت: “أعالج الكثير من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهذه النتائج لن تغير طريقة علاجي لهم. على الرغم من أن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يمكن أن لا يكون عددهم كبيراً، إلا أنني أحب طريقة تفكيرهم المميزة، والفضولية التي لديهم”.
وأشارت إلى أنه “يمكن للأمهات المصابات بأمراض المناعة الذاتية أن يعملن للسيطرة المثلى على حالتهن أثناء الحمل، لكن أمراض المناعة الذاتية ليست مثل التدخين أثناء الحمل – وهو عامل خطر آخر للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه – حيث تتمتع الأمهات بقدر أكبر للسيطرة بطريقة مباشرة عليه”.
دراسة طولية كبيرة
وتابعت الدراسة أكثر من 63000 طفل ولدوا بين 1 يوليو 2000 و31 ديسمبر 2010 في نيو ساوث ويلز بأستراليا.
وحدد نيلسن وفريقه 12610 أم مصابة بواحد على الأقل من 35 نوعاً من اضطرابات المناعة الذاتية الشائعة. وكان لدى كل من الأمهات الحوامل رمز تشخيص لاضطراب المناعة الذاتية في سجلات المستشفى المرتبطة بهن.
وحُددت إصابة الطفل باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إذا كان هناك تشخيص في المستشفى لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو سجل لوصفة طبية مملوءة بالمنشطات.
وتم تضمين جميع الأبناء البالغ عددهم 12610 الذين تم تشخيصهم باضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه فوق سن الـ3 سنوات في الدراسة، وثم تمت مطابقتهم مع أربع أطفال من نفس العمر مع أمهات ليس لديهن أي اضطرابات مناعية ذاتية. وجرت متابعة مجموعتي الأطفال حتى نهاية عام 2014.
وأجرت الدراسة أيضاً تحليلاً تلوياً للبحوث الموجودة حول هذا الموضوع.
وأظهرت النتائج مجتمعة أن تشخيص أي مرض من أمراض المناعة الذاتية، أو داء السكري من النوع 1، أو الحمى الروماتيزمية، أو التهاب القلب الروماتيزمي (التهاب عضلة القلب)، والصدفية، وفرط نشاط الغدة الدرقية، ارتبطت بزيادة خطر الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الطفل في سن متأخرة.
اضطرابات وأمراض المناعة الذاتية
ولم يُعرف بعد كيف يمكن أن يؤثر اضطراب المناعة الذاتية لدى الأم على طفلها الذي لم يُولد بعد. ويفترض الباحثون أن الأجسام المضادة الذاتية للأم أي تلك التي تهاجم جسمها تعبر عبر المشيمة. ويمكن للجزيئات الالتهابية أن تفعل الشيء نفسه.
وقالت الدراسة إنه بمجرد الوصول إلى هناك، يمكن أن يغير الالتهاب المزمن نمو دماغ الجنين، ربما عن طريق التأثير على الخلايا المناعية الفطرية في دماغ الطفل النامي، أو ربما يغير الالتهاب المواد الكيميائية التي تعمل على تشغيل الجينات أو إيقاف تشغيلها، وتأثير ذلك على جينات النمو العصبي الرئيسية لدى الجنين.
وأوضحت الدراسة أن هناك نظرية أخرى مفادها أن الالتهاب يؤثر على تكوين ووظيفة المشابك العصبية لدى دماغ الطفل النامي.
وقال نيلسن: “قد تؤدي هذه التغييرات مباشرة إلى أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو قد تجعل الطفل أكثر عرضة لعوامل الخطر البيئية”.
ويمكن للبيئة أن تساهم بشكل كبير في نتائج النمو العصبي للطفل. ووجدت الدراسات ارتباطاً بين انخفاض مستوى تعليم الأمهات، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والاكتئاب، وتاريخ الوالدين في السلوك المعادي للمجتمع وخطر إصابة الطفل باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
كما تم ربط المستويات العالية من الحديد في دم الطفل باضطرابات فرط النشاط.
ووجدت الدراسات وجود علاقة قوية بين فرط النشاط وعدم الانتباه عند الأطفال، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم لدى الأم، وكذلك استخدام عقار الاسيتامينوفين والتدخين أثناء الحمل.
وأشار نيلسن إلى أن الأبحاث السابقة وجدت أن النساء المصابات بأمراض المناعة الذاتية التي لا يمكن السيطرة عليها بشكل جيد عن طريق الأدوية أو العلاجات الأخرى يمكن أن تكون عامل خطر لسوء نتائج الحمل مثل الفشل في النمو بشكل صحيح والولادة المبكرة.
وتابع: “يعمل فريقنا حاليًا على البحث في الآليات السببية التي تكمن وراء الارتباط بين أمراض المناعة الذاتية، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه”، مما قد يسلط الضوء على ما إذا كانت شدة المرض، أو الأعراض، أو استخدام الأدوية أو العوامل الالتهابية الأخرى تعمل على تعديل هذا الخطر.
المعرفة قوة
وشدّد نيلسن على أن الأم الحامل المصابة باضطراب في المناعة الذاتية تشكل عاملاًَ واحداً فقط من العديد من عوامل الخطر لأي اضطراب في النمو العصبي في مرحلة الطفولة، “لكن فهم المخاطر والتعبير عن المرض ضروري إذا أردنا منع المرض وعلاجه”.
ولفتت الدراسة إلى أن الشباب الذين يتناولون الأمفيتامينات لعلاج اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه لديهم ضعف خطر الذهان مقارنة بالمنشطات الأخرى.
وقال نيلسن إن الحصول على معرفة بمثل هذا الرابط، يمكن أن يمكّن كل من النساء ومقدمي الرعاية الصحية من “التأكيد على أهمية الرعاية عالية الجودة متعددة التخصصات لإدارة حالات المناعة الذاتية قبل وأثناء الحمل”.
وأضاف أن “هذا يشمل رعاية جيدة قبل الحمل، وربما تجنب الحمل عندما لا يتم السيطرة على نشاط المرض بشكل جيد”.
وبعد ذلك ، لا يقع أي خطأ على عاتق أحد إذا أصيب الطفل باضطراب بناءً على الحالة الطبية لأحد الوالدين، كما يؤكد الخبراء.

 

المصدر
CNN

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى