دراسة: الوحدة قد تساعد في نمو أجزاء من الدماغ مرتبطة بالخيال

نظراً لأن العديد من الأشخاص يواجهون احتمال أن يكونوا بمفردهم لقضاء العطلات ، فإن العلم الجديد يوضح كيف يمكن للوحدة أن تساعد في الواقع في بناء هياكل في الدماغ مرتبطة بالخيال.

وأظهرت دراسة نُشرت في مجلة “Nature Communications” أن الأشخاص الوحيدين كانوا أكثر عرضة لزيادة النشاط في مناطق الدماغ المرتبطة بالذكريات والتفكير في الآخرين والتخطيط المستقبلي.

وافترض الباحثون أن ما يسمى بشبكة الوضع الافتراضي في الدماغ، والتي تشارك في الذاكرة والإدراك الاجتماعي، من المحتمل أن تخضع للتغييرات المتعلقة بالوحدة.

وأصبحت الروابط بين هذه المناطق أقوى وكان حجم المادة الرمادية أكبر منها لدى أولئك الذين لم يكونوا وحيدين.
وتركزت النتائج على الشبكة الافتراضية باعتبارها الأكثر تأثراً بالعزلة والوحدة الملموسة.

ثروة من البيانات
وقبل انتشار الوباء بفترة طويلة، كان يُنظر إلى الوحدة بشكل متزايد على أنها مصدر قلق للصحة العامة، بما يكفي لدرجة أن المملكة المتحدة عينت وزيراً للوحدة في عام 2018.
وأظهرت البيانات أن البالغين الوحيدين أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنحو 1.64 مرة مقارنة بأولئك الذين لا يبلغون بأنفسهم عن الشعور بالوحدة، وفقاً لمراجعة أجريت عام 2015 للدراسات العالمية.
ودفعت مثل تلك النتائج الباحثين إلى التمشيط من خلال صور الدماغ لـ 40 ألف شخص، تم سحبها جميعاً من “Biobank” في المملكة المتحدة، وهي قاعدة بيانات واسعة النطاق تخزن المعلومات الطبية الحيوية من حوالي 500 ألف بريطاني.
وقام المشاركون في تلك الدراسة، الذين تراوحت أعمارهم بين 40 و69 عاماً، بملء التقييمات التي تضمنت أسئلة عما إذا كانوا يشعرون بالوحدة أم لا.
وقارن الباحثون بعد ذلك فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للأشخاص الذين يعانون من الوحدة مع أولئك الذين لم يشعروا بالوحدة على أساس منتظم.
وقال كبير مؤلفي الدراسة ناثان سبرينغ، الأستاذ المشارك في علم الأعصاب بجامعة ماكجيل في مونتريال، إن الحجم الهائل لعينة البيانات أمر نادر في هذا المجال من العلوم.
وقبل ذلك، ركز معظم عمله في علم الأعصاب على مجموعات تضم مئات المشاركين فقط وهو عدد كبير في حد ذاته. ولكن الآن، مع وجود عشرات الآلاف من بيانات الموضوعات للاستفادة منها، كان هناك الكثير لنتعلمه.
وكانت فرضية الباحثين القائلة بأن شبكة الوضع الافتراضي في الدماغ نشطة أثناء الشعور بالوحدة هي فرضية منطقية، لأن تلك الأجزاء تشارك في التفكير في الذات، وفقاً للدكتور كينيث هيلمان، الأستاذ الفخري في قسم علم الأعصاب بجامعة فلوريدا، والذي لم يشارك في الدراسة.
وقال هيلمان: “هناك قول مأثور قديم في علم الأعصاب نستخدمه دائماً، أي “استخدمه أو افقده”.
ورغم من أن أجزاء من الدماغ مهيأة للإبداع والتفكير في الذات يمكن أن تنمو أثناء الشعور بالوحدة، فإن هذا قد يعني أن أجزاء اجتماعية أخرى من الدماغ ستصاب بالضمور بسبب عدم النشاط.
وأوضح هيلمان: “السؤال الكبير الذي يطرح نفسه، هل تبدأ في فقدان أجزاء أخرى من الدماغ مهمة للتفاعلات؟ وإذا لم تستخدمها، فهل سيؤدي ذلك في النهاية إلى المزيد من الاضطراب”؟

نظرة في مرض الزهايمر
وإحدى الطرق الرئيسية التي يمكن أن تفيد بها هذه الدراسة الطب على نطاق أوسع هي مساعدة العلماء على فهم أفضل لكيفية تأثير العزلة الاجتماعية – وهو موضوع أكثر أهمية أثناء الجائحة- على بنية الدماغ، مما يعرض الأشخاص لخطر الإصابة بمرض الزهايمر مع تقدمهم في العمر.
وقال سبرينغ: “لا يزال هناك الكثير من العوامل الأخرى التي يجب فحصها، مثل كيف تتفاعل الوحدة مع النمط الجيني APOE-4”. ووفقاً لجمعية الزهايمر تم ربط هذا الجين بنسبة تصل إلى 25٪ من حالات الزهايمر.
ولأن كبار السن المعرضين لخطر الإصابة بالخرف غالبًا ما يكونون أكثر عزلة عند العيش بمفردهم أو في مرافق معيشية مشتركة، يمكن أن تكشف المزيد من الأبحاث كيف يمكن للوحدة أن تؤدي إلى تفاقم الاستعداد الوراثي الموجود بالفعل.
وأوضح سبرينغ: “كانت هذه الدراسة الأولى مهمة حقاً من حيث تحديد أجزاء الدماغ التي تتأثر بالوحدة. نحن نستخدم هذه المعلومات ونتابع عينة كبيرة من كبار السن. ونرى كيف تشيخ أدمغتهم على مدى عدة سنوات، وكيف أن تجربتهم بالوحدة قد تسرع في الواقع أنماط الضمور”.
والدراسة لها أهمية أكبر بعد عام الوباء الذي تكون فيه العزلة الاجتماعية أكثر شيوعاً.

المصدر
CNN

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى