جامعاتنا بين قصور أو قبور !

الكاتب: أحمد الغامدي 

كما نعلم جميعا أن أول ما أنزل الله من كتابه كان قوله تعالى “اقرأ“، دلالة لأهمية العلم والتعلم وان الاسلام دين يحث على ذلك وكان نتيجة ذلك في السابق, عصور اسلامية ذهبية تميزت في العلم والتعليم والاكتشافات, لتسطر كتب التاريخ بعبق الانتاجات الاسلامية سأتوقف هنا لكي لا احيد بموضوعي واتحول إلى شخص يرثي ما كان او اصبح محاضرا مملا لكم, جامعاتنا “الجامعات السعودية” تلك الصروح التعليمية الهائلة التي سعت حكومتنا الرشيدة إلى انشاءها, لم تدخر أي مجهود في إنشائها وإيجاد احدث التجهيزات فيها, لا يسعني القول إلا بشكراً مملكتي العزيزة, لكن ما يؤلم حقا هي تلك الانظمة الغير متماسكة والحجرية التي تدير بعض من تلك الجامعات،تلك الانظمة التي نتجت من أدمغة مجموعة من الاشخاص المتجمعين حول طاولة مستديرة او طولية ظنا منهم أنهم فرسان وحماة هذا الصرح لينتجوا مجموعة من القرارات والانظمة التي بنظرهم انها لبناء وتطوير وهي وللاسف معاول هدم وتدمير.

دعوني اطرح عليكم هذه الاسئلة, كم شخص بأي جامعة سعودية يعرف او يعلم وبوضوح ماهو نظام الجامعة المنتمي إليها ؟! كم شخص يعرف كيف تسير امور معاملته الورقية ؟! او اختياره على الاقل كمعيد بدون اللجوء إلى الواسطة, وتحريك الجهود الدولية والامم المتحدة وكل مسؤول في البلد والعالم ليحقق اي مطلب ولو كان بسيطا ؟! كم شخص يعرف ماهو المنهج والمقرر عليه دراسته بدون اللجوء إلى السؤال المعتاد قبل كل اختبار”بحكم ان الأغلب لا يعرف منهجه إلا بهذا الوقت” متسائلا “من أين اذاكر ” ؟ اسئلتي ليست تهكمية او مليئة بالسخرية إنها حقيقة تبحث عن اجابة,جامعاتنا وللاسف وبدون مبالغة تسعى فقط إلى الارقام القياسية والتصنيفات العالمية, ليمتلئ جو المكان من ذلك الكذب و”الهياط” بكلماتنحن الاولى عربيا والخامسة عالميا او كما يشاع ويعلن منهم, التسأل هنا هو بناءا على ماذا ؟ وأين ذهبت الجامعات العالمية المعروفة والمرموقة ؟ هل ذلك يعني انكم افضل من اوكسفورد او كامبريدج أو على الاقل انتم مثلها ؟اذا لماذا المبتعثين ؟ لماذا نبتعث للخارج كل سنة ألاف الاشخاص للدراسة ؟! طالما انتم الافضل فأنتم الاحق بقبولهم وتعليمهم ! ياسادة انه حبر على ورق مجرد رقم أمام اسم الجامعة, و الله وحده يعلم كيف استحقته.

لا نريد ان نكون في أعلى التصنيفات العالمية ونحن نتعلم في جامعة لا تمتلك مستشفى جامعي, او جامعة تغرق بمجرد هطول الامطار أو جامعة تتعاقد مع دكاترة مشهورين ولهم أبحاث معروفة لرفع التصنيف فقط,  لا نريد ان نتعلم في جامعة تعطى السلطة المطلقة لدكتور في التعامل مع شؤون الطلاب خلال المنهج ليكون شرحه من كتاب, ويضع اسئلة اختباراته بناءا على اسئلة موضوعة من كتاب اخر, لينهار الطلاب في الاختبارات ويكون نجاحهم عن طريق الصدفة,لأن اختبارهم كان بطريقة اختيار متعدد والمبكي حقا عندما يحدث شيئا ما بين طلاب ودكتورهم, ستحل عليهم الكارثة من حيث لا يعلمون وسوف يرسبون ويعذبون بقتل الطموح والانجاز فيهم, لماذا لا يكون هناك حدود لسلطة دكاترتنا ؟! لماذا لا يراقب نتاجهم التعليمي ؟! لماذا لا تدعمهم الجامعات, وتدفعهم إلى البحث والانتاج بالطاقة القصوى ؟! لماذا لا ينظر في جودة المادة العلمية التي يقدمونها, وجودة شرحهم وتقديمهم لها ؟! لماذا لا توضع المنهجية العلمية في وضع الاسئلة بدلا من ” اعجبني السؤال و سأضعه لهم ” حتى لو لم يسمعوا بتلك المعلومة من قبل, ليرضي بها غروره ومقامه و مستمتعا بفرد عضلاته.

نريد ان تكتمل منشئاتنا التعليمية، لا نريد كل سنة جديدة نظام جديد وفكرة جديدة تطبق بدون وعي على جميع السنوات, لماذا لا تطبق الانظمة المستحدثة على الطالب المستجد لانه في بداياته وبإمكانه إدراك ايجابيات النظام ويستفيد منه, وليس على من قضى عمرا معكم وقارب على التخرج, لكي لايتفاجئ بأن معدله بعد طول السنين لا يساوي شئ أو ان يكون عليه تعليم نفسه, الكلام يطول والمشاكل لا تنتهي, لا نريد تصنيفات لا نريد كلام و وعود الله اعلم متى ستتحقق نريد جامعات تهتم بتعليمنا لا تعذيبنا, نريد ان تكون الجامعة قصراً لمواهبنا لا قبرا لها بعد كل هذا ،ماقلته ليس بقصد الاستنقاص من جهد أحد أو سعيه إلى الافضل فنحن نقدر كل جهد يبذل, لكن نريد الوعي في ما نفعل ومانطبق أريد ان تكون انظمتنا من إنتاجنا وفق احتياجاتنا، وليس نسخاً من التجارب الكندية والامريكية لكي لا ننتهي إلى “التجربة الدنماركية “, نحن مبدعون نحن منتجون نحن سعوديون نحن الافضل نريد أن نكون في بلادنا منتجين فهي احق بنا من غيرها.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. المظهر على حساب الجوهر،،
    هذا هو شعار جامعاتنا للأسف
    أجدت الوصف
    رائع.. استمر


  2. للأسف وصل بنا المآل إلى أن نبحث عن أقل حقوقنا فقط
    وهو الأنصاف .
    بورك طرحك أخوي أحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى