باحثون : "العلاج بالبراز" يمكن أن يكون أكثر فعالية من المضادات الحيوية
مجلة نبض – د.ب.أ:
ليس من السهل تصور إمكانية أن يتلقى إنسان براز إنسان آخر بهدف العلاج ولكن هذا هو بالضبط ما يأمل فيه الأطباء الآن حيث يعتقدون أن استخدام مزيج طبيعي من البكتريا يمكن أن يساعد في القضاء على جراثيم الأمعاء التي تصيب الإنسان بالمرض. يطلق الأطباء على هذه الطريقة اسم “نقل البراز” ويحاولون تخفيفها من خلال تسميتها بـ “نقل البكتريا” ولكن المقصود منهما واحد ألا وهو أن الشخص المريض يحصل على براز آخر سليم.
وفي هذا الشأن قالت الجمعية الألمانية لأمراض الهضم والتمثيل الغذائي (الايض) “هذه الطريقة من أكثر الموضوعات المطروحة في الوقت الحالي في طب الجهاز الهضمي”. كما أوضح البروفيسور بيتر جاله أستاذ طب الجهاز الهضمي بمستشفى ماينس الجامعي في ألمانيا أن هذه الطريقة لا تزال في طور التجريب وأن قاعدة البيانات المتوفرة عنها صغيرة “ولا يزال الكثير من الأسئلة بهذا الشأن مفتوحة ولكن المحاولة مبشرة”.
ونشر عدد من الباحثين في أمستردام بداية العام الجاري دراسة في دورية “نيو انجلاند جورنال اوف ميدسين” أصابت أطباء الجهاز الهضمي في العالم كله بالذهول. كانت هذه الدراسة عن أشخاص أصيبوا في الأمعاء ببكتريا اكلوستريديوم ديفيسل “المطثية العسيرة” الشرسة التي تسبب الإسهال، وهي بكتيريا خطيرة تصيب جدار الأمعاء وتلتهم الجسم وهي تستعصي على كثير من المضادات الحيوية. ورغم أن هذا المرض نادر إلا أنه قاتل حيث أصيب به 800 شخص في ألمانيا عام 2012 توفي منهم 502. ويبدو أنه من الممكن استخدام مزيج بكتري طبيعي مأخوذ من أمعاء إنسان سليم في علاج الأمراض التي تفشل المضادات الحيوية المتوفرة في علاجها.
حصل عدد من المرضى خلال الدراسة الهولندية على مضادات حيوية وحصل عدد آخر على براز أحد الأقرباء فكانت النتيجة مذهلة حيث لم تنجح المضادات الحيوية في مداواة سوى أربعة من 13 مريضا في حين نجح 13 من إجمالي 16 شخصا بعد نقل البراز إليهم، واختفت الآلام التي أصابت المرضى فترة قصيرة والتي نتجت عن تقلصات في البطن أو انتفاخات. وأكد اتحاد أطباء الجهاز الهضمي في ألمانيا أن هذه الطريقة جديدة ولا تستخدم سوى في عدد قليل من المراكز الطبية وأن عدد المرضى الذين تم علاجهم بهذه الطريقة في ألمانيا قليل وأن العلاج تم في إطار محاولات للعلاج الفردي في مدينتي هايدلبرج وأولم.
ورغم أن مستشفى فرانكفورت الجامعي لم يستخدم هذه الطريقة حتى الآن إلا أن الأستاذ فوكهارد كيمبف، مدير معهد أبحاث الأحياء الدقيقة في فرانكفورت مقتنع بفاعلية براز الغير وأن البكتريا المفيدة داخل هذا البراز تحد من انتشار الجراثيم الغادرة وأن إعطاءها للمريض يساعد على عودة نشاط البكتيريا الحميدة في أمعاء الإنسان إلى طبيعته. ولكن هناك مشكلة ألا وهي “عنصر التقزز والنفور النفسي” من هذا العلاج حسبما أوضح الأستاذ كيمبف الذي قال: “الناحية الجمالية لهذه الطريقة قليلة”.
يتم تخفيف مئة إلى مئتي جرام من “البراز المتبرع به” باستخدام خمسين مليمترا من محلول ملحي ويتم إعطاء المريض هذا المحلول عن طريق منظار شرجي في الأمعاء الغليظة أو إدخالها للأمعاء الدقيقة عن طريق منظار أنفي. ولكن هناك ما يثير قلق الأستاذ الألماني أكثر من الرائحة المقززة للبراز حيث يخشى أن ينقل هذا البراز معه أمراضا “فالبراز يحتوي على مزيج معقد من البكتريا المختلفة، ويكاد يكون من المستحيل معرفة أي هذه البكتريا حميد وأيها خبيث”.