التعب المزمن “مرض عضوي وليس نفسيا”
مجلة نبض-BBC:
قال علماء إنهم اكتشفوا تغييرات مميزة في الجهاز المناعي، للمرضى الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن، ما يخالف الاعتقاد الشائع بأن التعب مرض نفسي.
وكشفت دراسة أجراها علماء في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة حدوث زيادة في مستوى الجزيئات المناعية المسماة “سيتوكين” عند المرضى خلال المراحل المبكرة من المرض.
وقالت الدراسة إن هذه النتائج قد تساعد على تحسين طرق تشخيص وعلاج المرض.
من جانبهم، قال خبراء بريطانيون إن المزيد من البحث مطلوب من أجل تأكيد من هذه النتائج.
ويعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة التعب المزمن، أو ما يسمى أحيانا بالتهاب الدماغ المؤلم للعضلات، من التعب بشكل يومي، والذي لا ينتهي مع النوم أو الراحة.
كما أنهم قد يعانون أيضا من آلام في العضلات وصعوبة في التركيز.
وقد تسبب متلازمة التعب المزمن كذلك مرضا وعجزا مزمنا، على الرغم من أن الكثير من المصابين يتحسنون مع مرور الوقت.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 250 ألف شخص مصابون بهذا المرض في بريطانيا وحدها.
تطور المرض
ونشرت نتائج الدراسة في دورية التطورات العلمية.
وأجرى فريق الباحثين الأمريكي اختبارات، على عينات دم من 300 مريض بمتلازمة التعب المزمن، وكذلك نحو 350 شخصا أصحاء.
ووجدوا نمطا بعينه من الجزيئات المناعية في المرضى المصابين بالمرض منذ نحو ثلاث سنوات.
ووجد عند هؤلاء المرضى مستوى أعلى من الجزيئات المناعية المسماة السيتوكين، وخاصة نوع يسمى “إنترفيرون غاما”، وهو مرتبط بالتعب الذي يلي العديد من أنواع العدوى الفيروسية.
أما الأشخاص الأصحاء والمرضى لأكثر من ثلاث سنوات لم يظهر عندهم هذا النوع من الجزيئات.
وقالت الدكتورة مادي هورينغ، التي أشرفت على الدراسة، إن هذا يرجع إلى الطريقة التي قد تضر بها العدوى الفيروسية الجهاز المناعي.
وأضافت: “يبدو أن مرضى متلازمة التعب المزمن تزيد لديهم جزيئات السيتوكين، حتى مرور ثلاث سنوات من الإصابة بالمرض، وعند هذه النقطة يظهر الجهاز المناعي علامات على الإنهاك، وينخفض مستوى السيتوكين”.
وقالت إن هذا يشير إلى أن هناك مراحل مميزة للمرض، فحينما تبدأ استجابة السيتوكين في الاستقرار يبدأ المرض في الهدوء.
العلاج بالأدوية
ويقول البروفيسور بيتر وايت، أستاذ الطب النفسي بجامعة كوين ماري في لندن، إنه من السابق لأوانه أن نتوصل لاستنتاجات من تلك الدراسة.
وأضاف: “واحد فقط من بين 51 من البروتينات المناعية التي تمت دراستها نشط في كل الحالات مقارنة مع المجموعة الضابطة، الأمر الذي يمكن أن يحدث من قبيل المصادفة فقط”.
وقال: “أتمنى أن يستمر فريق البحث في إعادة تحليل بياناتهم، بعد تقسيم العينات تبعا لعوامل أخرى تحدد المجموعات الفرعية، التي يعتقد معظم العلماء أنها تسبب هذا المرض”.
وأضاف: “أخيرا، وكما أشار الباحثون أنفسهم، نحن بحاجة إلى أن نرى نتائج الدراسة تتكرر بشكل مستقل”.
ويقول الدكتور تشارلز شيفرد، المستشار الطبي لجمعية متلازمة التعب المزمن، إن البحث رائع ومفيد، وعزز من معرفتنا عن الاستجابة المناعية الشاذة في الأشخاص المصابين بهذا المرض.
وأضاف: “إذا كانت الأنواع المميزة من السيتوكين الشاذ يمكن ربطها بالمرض، فيمكن استخدام هذه النتيجة للمساعدة في تشخيص المرض، وفتح الباب أمام استخدام الأدوية المضادة للالتهابات، التي ستقلل من الاستجابة الشاذة للجهاز المناعي”.
لكنه أشار إلى أن تحقيق هذا لا يزال بعيدا بعض الشيء.
وأضاف: “على الرغم من أن بعض الأطباء لا يزالون يعتقدون خطأ أن متلازمة التعب المزمن مرض نفسي، فإنه يجري الآن التوصل إلى دليل قوي يظهر أننا نتعامل مع مرض عضوي، يشمل انحرافات مهمة تتضمن المخ والعضلات والجهاز المناعي”.