فيروس ووهان COVID-19

مجلة نبض – د. منال الشنبري:

في بدايات شهر يناير من العام الحالي استطاعت السلطات الصينية تحديد فيروس جديد تسبب في إصابة عدد كبير من مواطينيها بذات الرئة ، و اشترك هؤلاء المواطنين في كونهم زبائن سوق بيع العطورات (wet market) في ووهان، وبعد أن تمكنت السلطات تحديد التركيب الجيني لهذا الفيروس وجدت تشابها كبيرا بينه وبين فيروس كورونا الذي ظهر في عام ٢٠٠٢م والذي تسبب في الكثير من حالات متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في ٢٠١٢م اللاتي أودتا بحياة الكثير من البشر، ومع أنه توجد أنواع كثيرة من فيروسات كورونا التي تؤدي عادة إلى أعراض الزكام الاعتيادي والتي تشمل احتقان الحلق و انسداد الانف، الكحة، العطاس، الشعور بالارهاق و التعب و ارتفاع طفيف في درجة الحرارة، إلا أن هذا النوع المكتشف حديثا لقي اهتماما خاصا لأسباب أهمها عدم توفر اللقاح له بعد وسرعة انتشاره وقدرته على التسبب في متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (SARS).

لماذا بدأ هذا الفيروس في الصين تحديدا؟

 في بداية الستينات ضربت الصين مجاعة كبيرة أودت بحياة الملايين من مواطنيها، ونتيجة كثافتها السكانية العالية و شح الطعام و انتشار الفقر، وسيطرة النظام الشيوعي على مصادر الغذاء الطبيعية التي لا تكفي حاجة مواطنيها، لجأ الفقراء لأكل الحيوانات الغير اعتيادية كالثعابين والسلاحف وغيرها واعتمدوا عليها في غذائهم.

كوسيلة للنجاة من الفقر بدأت التجارة في هذه الحيوانات وترويجها كمصدر للغذاء، ونمت هذه التجارة إلى أن دعمتها الحكومة الصينية لتقضي على المجاعة وأضافتها لسوق الطعام في ال (wet market) ، وبعد قضاءها على المجاعة، لم تتوقف هذه التجارة بل تطور حالها للأسوأ وأصبح التجار يستوردون حيوانات نادرة و يضيفون لحومها لقائمة الطعام في هذا السوق، ورغم أن الغالبية العظمى من الصينيين لا يأكلون هذه اللحوم إلا أن السلطات الصينية استمرت في توفيرها تلبية لرغبة الطبقة الثرية ، بل و روجت خرافات صحية لتسويقها كاحتوائها على قوى خاصة تشفي الأمراض و تزيد القوى الجسدية وغيرها، ونتيجة انعدام الثقافة الصحية بين مرتادي هذا السوق وانعدام أبسط أساسيات النظافة في التعامل مع اللحوم والذبائح، ونتيجة لتكديس الفصائل المختلفة من الحيوانات في مساحة صغيرة وطبقات من الأقفاص القذرة المليئة بإفرازات وأمراض هذه الحيوانات، نشأ هذا الفيروس، حيث وجد العلماء أن بداية هذا الفيروس كانت من الخفاش الذي انتقل فيما بعد إلى آكل النمل الذي احتضن هذا الفيروس وعدله جينيا حتى ظهر نوع منه ينتقل إلى الانسان، مشابها لما حدث في عام ٢٠٠٢م  عند ظهور فيروس كورونا الذي انتقل من الخفاش إلى نوع من أنواع القطط البرية ثم إلى الإنسان، أو لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية عام ٢٠١٢م حيث انتقل الفيروس من الخفاش إلى الجمال ثم إلى الإنسان.

أعراض المرض:

تختلف أعراض المصابين حسب مدة فترة الحضانة ”والتي يتم فيها تكاثر الفيروس في الشخص المصاب حديثا وغالبا ما تكون ٥ أيام، وفيها لا تظهر أعراض على الشخص المصاب حيث أن الفيروس لم يصل إلى العدد المناسب ليسبب المرض أو العدوى“ و بعدها تبدأ أعراض المرض: من كحة و كتمة و حرارة خفيفة.

كما أن الاعراض تعتمد أيضا على الحالة الصحية للمريض فذوي المناعات الضعيفة خاصة كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن ٦٠ سنة، و المدخنين أو من يعانون من أمراض مزمنة أخرى كالربو قد يصل بهم الحال لدرجة سيئة من المرض كإصابتهم بإلتهابات في الرئة، و متلازمة ضيق التنفس الحادة وتسمم الدم وأخيرا الوفاة.

طريقة انتقال العدوى:

يكفي أن تصل ذرات من لعاب الشخص المصاب ”نتيجة عطاسه أو كحته أو تلوث يده“ إلى الشخص السليم لانتقال المرض.

سبل العلاج المتوفرة:

كغالبية الأمراض الفيروسية، يعتمد العلاج على الرعاية الداعمة (Supportive Care) كخافضات درجة الحرارة، توفير المحاليل و الأكسجين، التنفس الصناعي لمن هم بحاجة له. وحاليا تقام أبحاث على عدد من الأدوية تحديدا مضادات الملاريا و الإيدز و الإيبولا، وبفضل من الله استجابت بعض الحالات لهذه العقاقير و بدأت في التماثل للشفاء.

الإحتياطات الوقائية التي يجب علينا اتخاذها لتجنب هذا الفيروس:

١. الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة هذا الفيروس هي غسل اليدين بالصابون أو المعقمات الكحولية.

٢. تجنب مصافحة الناس.

٣. تجنب لمس ال T-Zone قبل غسل اليد: العينان و الأنف و الفم، حيث أنهم يعتبرون معبرا سهلا للفيروسات.

٤. اتباع أداب العطاس و الكحة.

٥. عدم الأكل و الشرب من أطباق الأخرين.

٦. مسح الأسطح بالمعقمات، حيث أن الفيروس الموجود في لعاب الشخص المصاب قد يعيش لفترة تصل الى يوم كامل.

٧. في حالة التواجد في الأماكن العامة أو الأماكن التي تم تشخيص حالة فيها بفيروس كورنا يجب على الفرد أن يتجنب الأماكن المزدحمة و أن يحافظ على مسافة لا تقل عن مترين بينه و بين الأشخاص خاصة من تظهر عليهم أعراض الزكام ”حيث أن الفيروس ينتقل في هذه المسافة “.

٨. تجنب السفر للمناطق التي شخصت فيه حالات كورونا، و بالنسبة لكبار السن ممن تزيد أعمارهم عن ٦٠ سنة أو ممن يعانون من أمراض مزمنة الأفضل أن يلازموا منازلهم حفاظا على صحتهم.

٩. العاملين في القطاع الصحي: Personal Protective Equipment and N95 mask و اتباع بروتوكل كل مستشفى في مكافحة هذه العدوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى